مخابرات السعودية وإيران تتفاوض في بغداد
الأحد 18 أبريل ,2021 الساعة: 11:10 مساءً

هذه هي حيثيات مداولة اليوم

١-سنتعرض لضياع الشرعية والسعودية وأمريكا الذي "كان" يقال عنهم أنهم كانوا جهة واحدة قبل وصول جو بايدن لرئاسة أمريكا.

٢- وسنتعرض للكيان العضوي المكون من إيران وميليشياتها في المنطقة وخاصة الميليشيا الحوثية في اليمن، الذين "كانوا ومازالوا" جبهة واحدة في الجانب الآخر.

أولا: السعودية تتفاوض حول اليمن مع إيران في بغداد

اجتمع خالد الحميدان- رئيس المخابرات السعودية- مع نظرائهم الإيرانيين في بغداد الأسبوع الماضي يوم ٩ ابريل.

"ابتدأت الجولة الأولى بمناقشة إطلاق الحوثيين للصواريخ والطيارات المسيرة نحو جيزان ونجران والرياض عاصمة السعودية، وكانت نتيجة المناقشات 'إيجابية' ومثمرة."

هذا هو ما نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز اللندنية العريقة.

وأضافت الصحيفة أن جولة المباحثات القادمة، ستكون الأسبوع القادم.

1- إيران، كانت تقول دائما بأن أي أمور أو علاقات أو خلافات في المنطقة يجب أن يتم مناقشتها بين طهران والرياض، وبمعزل عن  أي رغبات أو تأثيرات أمريكية.

حققت إيران ما تريد؛ طردت إيران، أمريكا وتخلصت من تأثيرها على أحداث المنطقة.

روضت أيران، السعودية وجلبتها لتفاوضها بعد طول تمنع ورفض إلى العاصمة العربية بغداد التي استولت عليها من بين أيدي واشنطن والرياض.

٢- السعودية، كانت تقول بأنه لا يوجد ما يمكن أن تتفاوض عليه إلا بعد أن تغير إيران "سلوكها" في المنطقة بتوليد وتربية وتسليح ميليشيات في البلاد العربية ثم تطلقها لتهجم على مفاصل الحكم والسيطرة في عواصم بلادها وتشغيلها لحساب طهران.

3- السعودية، كانت تقول أنها لا يمكن أن تتفاوض مع الحوثيين لأنها لا تتخاطب مع متمردين انقلابيين.

الحوثيون- بدورهم- يقولون أن معركتهم هي مع السعودية وأنهم لا يعترفون بمسمى الشرعية، وأن الذي يحاربهم إنما هي السعودية، وأن أي مفاوضات يجب أن تكون فقط بين الحوثيين وبين الرياض.

4- البريطاني مارتين جريفثس والأمريكي تيم ليدركنج، يقومان بدور "المُكَدِّيَة" أو "الشَّارِعَة" التي تذهب مع العروسة الساذجة لتوافق على ما ينتظره العريس منها في ليلة الزفاف.

سنراقب ما سينتج عن المحاولات الدؤوبة للمبعوثين البريطاني الذي يقول عن نفسه أنه مبعوث الأمم المتحدة ومبعوث بايدن المكلف بدور التوفيق بين رأسين في الحَلال وبدء علاقة مباشرة بين السعوديين والحوثيين.

ثانيا: مفاوضات المخابرات إيجابية

نقلت فاينانشيال تايمز عن مسؤول سعودي في المفاوضات أن اجتماع ٩ ابريل، كان "إيجابيا".

ما معني "إيجابية"؟

١- ما هو ثمن توقف الحوثي عن إطلاق صواريخ ومسيرات نحو السعودية؟

٢- هل الثمن، هو أن تتوقف السعودية عن دعم جبهة مارب بقصف الطيران؟

٣- هل اختزلت هموم السعودية بالنسبة لحرب اليمن، وتم تقزيمها إلى مجرد توقف الحوثيين عن إطلاق طيارات مسيرة إلى أراضيها؟

ثالثا: ضيق تنفس الشرعية بدون غرفة إنعاش

"الشرعية"، ضعيفة للغاية بأشخاصها وأداءها وإمكانياتها وبعمايلها وأعمالها، وأعداؤها كثيرون.

1- مسمى "الشرعية" في اليمن، لا يستطيع أن يتنفس ولا يمكن أن يبقى الإسم ولا أن تبقى  المُسمى على قيد الحياة بدون السعودية.

٢- إذا انتهى مسمى "الشرعية" الحالي، فإنه في نفس اللحظة ينتهي دور السعودية "الحالي" في اليمن، وستبدأ إحدى أهم لحظات تاريخية من عمرها منذ لحظة تأسيسها، وتلقيها لهزيمة في أول حرب وحملة جوية في حياتها، وربما ينتهي معه أي تأثير أو أي نفوذ أو أي دور في اليمن.

ربما ستصبح بعدها مجرد "مانحة" ضمن الدول التي تسمي نفسها بالتسمية الفارغة التي بدون معنى أو جدوى وهي "أصدقاء اليمن".

٣- إذا غضت السعودية النظر عن مصالحها الحيوية العليا وشركتها الإستراتيجية مع مسمى "الشرعية" الذي غازلت به اليمنيين بنجاح، فربما سيكون على الرياض أن تراقب وتترقب- لمدة طويلة أو قصيرة- ما ستتكتك له إيران وتقرره بشأن المملكة ومصيرها في الأعوام أو العقود القادمة.

٣- طبعا الحوثيون والإيرانيون، متأكدون من أنه لا يوجد شيئ إسمه "الشرعية" بدون السعودية.

وهدفهم رقم ١ هو إسقاط مبدأ ومسمى  "الشرعية".

في اللحظة التي تسقط فيها مسمى ومبدأ "الشرعية"، يبدأ عندها رسميا وبالصوت العالي مسمى "الحوثية" و "الهاشمية المتعسكرة".

الحوثيون، يجربون طوال الوقت وقد توصلوا لشيئ شبيه ولكن أضعف وأهون بكثير  من حكم حسن نصر الله وتحكمه بحكومة لبنان على هيئة "حكومة الخلاص الوطني" الحبتورية في صنعاء التي بلا أي قواعد قبلية أو مناطقية أو حزبية أو عقائدية أو عسكرية، مما يجعلها مجرد "مِسْخْ" مشوه لا يقترب من نموذج سيطرة إيران و "السيد" نصر الله في لبنان.

إذا انتهى مسمى "الشرعية" وانتهى تأييد السعودية، فلن يبقى إلا "الحوثية"... و "الهاشمية المتعسكرة".

٤- دولة الإمارات، وأصحاب الرئيس السابق صالح، والانتقالي والانفصاليون، يريدون هدم مسمى "الشرعية"

5- وهناك أصحاب الدم الحامي أو الذين يطالبون بكمال أوصاف الشرعية، يطالبون بهدم "الشرعية"، بحجة أن ما سيأتي لن يكون أسوأ من الرئيس هادي ونائبه الفريق علي محسن.

٦- وهناك الذين يرون أن "ثور الشرعية"، يسقط ويتلهفون لحجز مكان بحجة أنهم هم الذين سينقذون اليمن.

وهؤلاء يطمعون ولكن لن ينالوا شيئا، لا من دم الثور ولا من الجزار.

وهؤلاء واهمون يشاهدون السراب ويقولون أنه الأمل.

٧- كل هؤلاء المطالبون بإنهاء "الشرعية" الحالية، قد تتحقق أمنياتهم قريبا إذا كان صحيحا ما تقوله صحيفة الفاينانشيال تايمز عن "إيجابية" مناقشات المخابرات السعودية الإيرانية في بغداد.

رابعا: السعودية تعمل مع الحوثي ما تعمله أمريكا مع طالبان

السعودية، لا تستطيع أن تتخيل الدنيا بدون أمريكا أو دعم أمريكا.

وأمريكا عموما، تنسحب من الشرق الأوسط عموما.

وأمريكا التي برئاسة بايدن خصوصا، تقول "عيني عينك" وفي وضح النهار و "رسميا" أنها لا تحب السعودية.

أمريكا وطالبان

أمريكا، من المؤكد أنها انهزمت على يد طالبان في أفغانستان.

وتنازلت عن كل وعودها وأهدافها في أفغانستان على أساس أن:

١- طالبان لن يكون لها أي تهديد عليها ولن تحتضن القاعدة التي تنفذ أعمالا إرهابية ضدها، ولن تجعل من أفغانستان منصة انطلاق للإرهابيين ولا حاضنة لأمثال أيمن الظواهرى وأسامة بن لادن.

وربما يكون هذا صحيحا.

٢- طالبان، ستقبل أن تكون مجرد شريكة للحكم مع القوى والطوائف الأخرى في كابول ولن تريد أن تفقد الشرعية والاعتراف الدولي التي اكتسبتها، أو المساعدات الدولية الموعودة بها، وأنها ستتوقف عن جلد النساء بالسياط وستوافق على تعليم المرأة وعلى حقوق الإنسان.

وهذا رهان. وهذا نوع من التفكير بالتمني الذي لن يتحقق على الإطلاق.

 

السعودية والحوثي

١- هل وافقت السعودية على أنها قد انهزمت من الحوثي، وتريد أن تقلد رئاسة بايدن التي قبلت بهزيمة أمريكا من قبل طالبان؟

٢- هل قد أصبحت السعودية مقتنعة أن الحوثي لم يعد يشكل خطرا عليها "شخصيا"؟

مثلما اقتنع بايدن أن طالبان لم تعد خطرا "شخصيا" على أمريكا؟

٣- هل قد أصبحت السعودية لا تكترث بما سيحدث لليمن، أو للمرجعيات الثلاث، أو للشعب اليمني "الشقيق" على يد الحوثي؟

مثلما أصبحت أمريكا لا تكترث بما سيحدث لأفغانستان أو الحريات المدنية المكتسبة، أو للشعب الأفغاني الذي وعدته في أكتوبر ٢٠٠١ قبل ٢٠ سنة أنها لن تتركه وحده مرة أخرى؟

خامسا: إيران بمنتهى البهجة والسعادة

إيران وأمريكا

إيران، تقرأ أمريكا جيدا.

إيران، قد أصبحت مدرسة بالتلاعب بأمريكا والتصدي لها وانتزاع المكاسب والمغانم من بين أيديها.

إيران، قد أجبرت بايدن أن يأتي إلى ڤيينا وستتلاعب به حتى تأخذ منه ما تريده منه.

إيران، تريد فقط أن تتركها أمريكا والغرب تسرح وتمرح في المنطقة وتستولي على العواصم العربية.

إيران، تستعمل مسألة تخصيب اليورانيوم وتطوير الصواريخ الباليستية كمجرد ورق ضغط ومبادلة مقابل عدم معارضتها على السيطرة على البلاد العربية.

إيران والسعودية

بهجة وسرور إيران هنا، أكثر.

بهجة وسرور إيران بالتحولات السعودية، لا تقل عن بهجتها بالتحولات الأمريكية.

إيران، لا ترى أن الشرعية موجودة أصلا.

وقد أجادت تنظيم وتدريب وتسليح وتمويل الميليشيا الحوثية، ولن تتخلى عنهم أبدا، مهما فعلت أمريكا أو السعودية.

إيران، ترى أداء السعودية في اليمن وأنها لم تستطع دعم الشرعية ولا حمايتها ولا تمكينها من حكم بلادها.

إيران، أحضرت رئيس المخابرات السعودية إلى بغداد لمفاوضتها بعد أن كانت ترفض، مثلما أحضرت وفد الرئيس بايدن إلى ڤيينا بعد أن كانت أمريكا ترفض.

إيران، تنتظر أن تكون الفترة القادمة هي فترة الحصاد وجني الثمار من أمريكا ومن السعودية.

سادسا: مازال هناك أمل للشرعية والسعودية

السعودية، لم تعلن بعد تخليها عن دعم الشرعية.

والشرعية، مازالت تكيل المديح ومشاعر الإمتنان والاعتراف بالجميل للسعودية.

نستطيع أن نكون من "الطيبين" "المرنين" "المتساهلين"، ونقول أن ثبات هذين الموقفين الرسميين ، يعتبر من المبشرات بالخير والباعثات على الأمل.

ولكن.. وألف لكن.. ومليون لكن!

لا أمل للشرعية ولا للسعودية، إلا بتحقيق هذين الهدفين:

١- الشرعية

يجب إجراء "عُمْرَة" شاملة، وإعادة توضيب، ورفع قامة "الشرعية"؛

داخل بلادها وليس في الخارج.

٢- السعودية

يجب أن تكسب السعودية قلوب وعقول اليمنيين.

 

*نقلًا عن صفحة الكاتب على فيسبوك


Create Account



Log In Your Account