الأربعاء 11 أُغسطس ,2021 الساعة: 08:23 مساءً
الحرف28 - متابعات
أثارت تقارير عن وصول قوات بريطانية خاصة إلى محافظة المهرة، أقصى شرق اليمن، تساؤلات عدة حول استراتيجية لندن العسكرية في هذا البلد الغارق بالحرب منذ 7 سنوات.
ونشرت صحيفة "ديلي اكسبرس" البريطانية، في وقت سابق هذا الأسبوع، أن فريقا من 40 جنديا من القوات الخاصة SAS وصل إلى محافظة المهرة، في مهمة تعقب "إرهابيين" يتبعون إيران هاجموا ناقلة النفط "ميرسر ستريت" في خليج عمان، في 30 يوليو/ تموز الفائت.
ورغم أن الحوثيين المتهمين بالتورط بالهجوم لم يصدروا أي تعليق رسمي إزاء تلك الاتهامات.
فيما لم يصدر أي بيان رسمي من قبل الحكومة اليمنية إزاء تلك الأنباء.
وفي هذا السياق، يرى الخبير اليمني الاستراتيجي والعسكري، علي الذهب، أن بريطانيا لديها أهداف استراتيجية تتقاطع في أكثر من نقطة مع حلفائها المناوئين لإيران في الخليج وفي الشرق الأوسط والعالم.
ونقل موقع "عربي21" عن الذهب قوله إن "هذه الأهداف تتعلق بأمن الطاقة، والنقل البحري الذي تقوم عليه، ومناشط الاقتصاد الأزرق في غرب المحيط الهندي، التي تساهم في كل مجالاتها على المستويين العام والخاص".
وبحسب الذهب، فإن تصاعد التهديد الإيراني لهذه المناشط قد أدى إلى استجابة بريطانية قوية، تمثلت في إرسال أربعين عنصرا من القوة "أس أي أس" إلى المهرة؛ بوصفها مصدرا محتملا للتهديدات التي تثيرها جماعات موالية لإيران أو أي جماعات أخرى مسلحة مناوئة لأي وجود عسكري خارجي.
وأشار الخبير اليمني إلى أن تمكن الحوثيين من أي منطقة في المهرة يعني توفير نقطة تقرب للوصول بالصواريخ والطائرات غير المأهولة إلى المصالح البريطانية وحلفائها في الخليج وشمال غربي المحيط الهندي، مؤكدا أنها "ستكون عرضة الاستهداف، مثلما تعرضت معامل نفط بقيق وخريص للضرب قبل حوالي عامين".
ولم يستبعد الخبير الاستراتيجي اليمني أن يكون لبريطانيا مطامع استعمارية، حيث قال إن الوجود العسكري البريطاني قد ينطوي على مطامع استعمارية بملامح معاصرة.
لكنه استدرك قائلا إن حجم القوة الواصلة لا تشير إلى ذلك، بل إلى طبيعة المهمة، وهي استخبارية وتدريبية وقتالية في حدود ضيقة.
وأردف الذهب: "اذا تضاعف هذا الوجود، فإن الهدف الاستعماري، بملمحه الجديد، سيكون واضحا، ولن يقر لهذه القوات قرار".
وأوضح الخبير الذهب أنه في كل الأحوال هناك تنسيق حكومي مع هذه القوة، عسكريا وأمنيا واستخباريا، ولن تستطيع القيام بأي دور إلا في إطار عملية تشارك فيها هذه الجهات، فضلا عن الجهد الشعبي.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي: "من الواضح أن بريطانيا ماضية في توفير الأسباب غير المنطقية لتواجد عسكري نوعي لها في شرق اليمن، تحت ذريعة مواجهة تهديدات إيرانية للملاحة الدولية، وهذه المرة بواسطة أدوات يمنية".
وأضاف في حديث "في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر 2020 ،أعلن مركز العمليات التجارية البحرية البريطاني عن تعرض سفينة تجارية بريطانية قبالة مدينة الغيظة في محافظة المهرة الواقعة شرق اليمن".
وتابع التميمي: "يبدو أن هناك رغبة مشتركة بريطانية وسعودية، وربما إماراتية، لخلق أسباب إضافية لتواجد عسكري يستبيح الأراضي اليمنية، ويحاول تكريس أجزاء مهمة من الجغرافية اليمنية كمناطق نفوذ دولي متعدد الأطراف".
وبحسب الكاتب اليمني، فإن هذا التوجه ربما يهدف إلى تقليل كلف المواجهة المحتملة مع إيران، لهذا يجري تحييد القوات البريطانية المتواجدة في دول خليجية، وإدارة العمليات العسكرية من اليمن التي سيكون من الصعب على إيران تحقيق هدفها في توازن الردع؛ لعدم موجود منشآت غربية أو خليجية ذات قيمة في اليمن.
إلى جانب أن مهاجمة اليمن لن يكون مفيدا لطهران في المدى القريب والبعيد.
أما الأهداف الجيوسياسية المشتركة مع دولة إقليمية كبرى مثل السعودية، فتتمثل، وفقا للسياسي اليمني، في التخفيف من أعباء وتداعيات التواجد العسكري السعودي الذي لن يطرح في الدوائر الغربية كجزء من أوراق الحل في اليمن.
ومضى قائلا: "وهذا في الحقيقة سوف يشجع السعودية على المضي قدما في تنفيذ مشاريعها الأساسية في شرق لليمن، دون التزام واضح أو كلف مستحقة للشعب اليمني وللدولة اليمنية".
من جانبها، أعلنت قيادة الحراك الشعبي السلمي بالمهرة رفضها القاطع لأي تواجد عسكري في المهرة، أو تحويل أراضي المحافظة إلى مسرح للقوات الأجنبية.
وفي بيان صادر عن لجنة الاعتصام السلمي، قالت إنها "تابعت باهتمام بالغ التداعيات الأخيرة عن ما تناقلته بعض الوسائل الإعلامية والمواقع الإخبارية عن وصول قوة بريطانية مكونة من 41 عنصرا إلى مطار الغيظة الدولي بمحافظة المهرة يضاف إلى القوات السعودية والإماراتية والبريطانية والأمريكية المتواجدة بالمطار من قوات ".
وأعربت عن استنكارها كل المحاولات البائسة والمشينة من قبل ما وصفته "الاحتلال السعودي الإماراتي البريطاني الأمريكي" بإلصاق التهم والأكاذيب الباطلة بأبناء محافظة المهرة، وبأعمال ممنهجة متعددة الأساليب، الغرض منها السيطرة والاستحواذ على هذه المحافظة الآمنة، وتشويه تاريخها المجيد.
ومنذ نهاية 2017، تشهد المهرة توتر بين القبائل والقوات السعودية التي تسيطر على مطار الغيظة ويتواجد لها ثكنات عسكرية في المحافظة الحدودية مع عُمان.
وبررت السعودية تواجدها في المهرة بأنها تسعى لتعزيز الأمن وضبط ومكافحة عمليات التهريب، وسط اتهامات للرياض بتوظيف ورقة القاعدة لتبرير وجودها في المحافظة وللمناطق الشرقية لليمن.
وإثر ذلك، تشكلت لجنة احتجاج أبناء المهرة السلمي، تنظم بين الحين والآخر تظاهرات ضد تواجد القوات السعودية بالمحافظة المحاذية لسلطنة عمان، وتصفه بـ"الاحتلال".
وتمتاز المهرة بامتلاكها أطول شريط ساحلي باليمن يقدر بـ560 كم مطل على بحر العرب، كما يوجد بالمحافظة مطار الغيضة الدولي، ومنفذان بريان مع سلطنة عمان هما "صرفيت" و"شحن"، إضافة إلى ميناء نشطون البحري.
وتسعى السعودية لإنشاء أنبوب نفطي في ما يعرف بـ "قناة سلمان" يشق محافظة المهرة الى بحر العرب، وفرص سيادتها على مناطق مرور الانبوب مستغلة أجواء الحرب في البلاد.