بين خيانة عفاش وهادي
الأربعاء 13 أبريل ,2022 الساعة: 10:07 مساءً

عقد كامل مر على بداية التحولات السياسية في اليمن، انزلقت خلاله اليمن في أتون صراع متعدد المستويات، وأزيح الستار عن هشاشة تامة لنظامه ومؤسساته، وعن ارتهان مراكز نفوذه ونخبه لقوى خارجية تتنافس فيما بينها على النفوذ بأبعاده المختلفة.

ولعل ابرز مفردة تناسب أن تكون عنوانا لهذه المرحلة هي الخيانة، لكنها خيانة من رأس هرم السلطة، ففي حين لجأ عفاش، بدافع الانتقام من خصومه، الى التحالف مع مليشيا طائفية، لا هدف لها سوى إسقاط الجمهورية واستعادة الإمامة، انخرط خليفته هادي في لعبة لتصفية قوى النظام الجمهوري تحت ذرائع ومسميات مختلفة، فسمح بتحييد المؤسسة العسكرية، وعدم تدخلها في وقف تمدد المليشيا الحوثية، واعتداءاتها على المعسكرات والمدن، وهنا يتجلى التكامل والتخادم غير المباشر بين عفاش وهادي في تفجير الحقل السياسي اليمني، دون أي تصور حقيقي ومدروس لمآلاته وآثاره، فالأول ساهم في حصار وتطويق الجمهورية من خارجها والثاني عمل على تفخيخها وتفجيرها من داخلها.

المتأمل في مسار الصراع سيجد أن الرجلين مثلا جناحي خيانة ممتدة، حاكها طرف خارجي يرى في اليمن مهدد وجودي له، وهذا الطرف لم يتوقف منذ نشأته من التدخل في شؤون اليمن، والحيلولة دون أي مشروع وطني ينهض به، ويحقق له الاستقرار والرخاء، وظل يعمق الشقة والخلاف بين قواه المختلفة، واستند الى المال كأداة رئيسة لشراء الولاءات وتكريس حالة الضعف والهشاشة.

انتهى دور عفاش، وجرى تصفيته بأداة محلية. والآن حانت ساعة هادي، الذي تم ابتكار طريقة تستحق براءة اختراع لإسدال الستار على عهده، حيث أعلن عن مشاورات يمنية-يمنية دعي اليها أكبر عدد ممكن ممن لهم دور في توجيه الرأي العام اليمني، اعتذر البعض، ولبى آخرون الدعوة، وتم منحهم إقامات دائمة، ليتفاجؤوا بأنهم كانوا مدعوين للغداء الأخير لهادي، وأن سفرهم وإقاماتهم ليست إلا شكلا جديدا من التحفظ عليهم الى حين تتم مراسيم دفن هادي نهائيا، وتنصيب هادي جديد بعدة برؤوس.

 هادي الجديد متعدد الرؤوس لن يكون بأحسن حال من سابقيه، فدوره المنوط به هو الاستمرار في سدانة الخيانة والمؤامرة على اليمن. لربما كان أداءه في قادم الأيام وطريقة استجابته وتفاعله مع قضية اليمن المصيرية هو ما يفترض أن يحدد هويته، إلا أن طريقة تنصيبه وتركيبته تشي بالكثير ولا تبعث على الأمل، فالى جانب الخصم التاريخي يوجد خصم جديد مدفوع بالرغبة الجامحة لتصفية حساباته مع الربيع العربي وثوراته، وتقف وراءه أجندات تهدف الى إعادة تشكيل المسرح السياسي في المنطقة؛ وهذان الخصمان هما عرابا المجلس الجديد.


Create Account



Log In Your Account