أخر موضة لأمريكا: منع تهريب سلاح للحوثي
الإثنين 18 أبريل ,2022 الساعة: 01:13 صباحاً

أمريكا، لا يهمها أن يستعبد الحوثي أهل اليمن ويعيدهم مع إيران إلى القرن السابع الميلادي أي القرن الثاني الهجري.
واليمنيون، يهمهم ألا يعودوا إلى تلك القرون الغابرة.
بل أن البعض منهم يريدون لليمن أن تقفز إلى القرن الواحد والعشرين.
أمريكا، قررت قبل يومين أن توقف تهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين عبر البحر الأحمر وهذه فرصة لزيارة تقلبات أمريكا التي نتقلب فيها وتتقلب اليمن معها شمال يمين عبر عشرات السنين.

أولا: محددات سياسات أمريكا في اليمن
١- لا للقاعدة وداعش
٢- لا لروسيا والصين
٣- توافق على أن اليمن حديقة السعودية الخلفية
٤- ترى فائدة من نفوذ إيران في اليمن

ثانيا: مأزق أمريكا في اليمن

١- مأزق أول
تريد أمريكا من الحوثيين والإيرانيين أن يضربوا القاعدة وداعش في اليمن "ناب كلب برأس كلب"، وفي نفس الوقت تحتفظ بهذه البلاد كحديقة خلفية للسعودية بغرض دفع الفواتير الواجبة لمنع جوع وهلاك الشعب اليمني.

٢- مأزق ثاني
المشكلة أن اليمنيين، لا يعترفون بأنه هناك قاعدة وداعش في اليمن وأن هذه البضاعة ليست يمنية على الإطلاق ولكنها ابتدأت ب "رجال الرئيس صالح الملتحين" ثم انتهت بيد دولة خليجية.
اللاعبون بورقة القاعدة في اليمن، كانوا يظنون أنهم يستطيعون التلاعب بأمريكا والوريث الخليجي أيضا واقع في نفس الظن.
والحقيقة أن أمريكا تدري، ولكنها مصابة برهاب وفوبيا القاعدة وداعش لدرجة أنها لا تريد أن تقع في أي خطأ قد يؤدي لجرحها أو إهانتها كما حدث في ضرب برجي نيويورك في ١١ سبتمبر قبل أكثر من ٢٠ سنة.

٣- مأزق ثالث
أمريكا، تريد من الحوثي وإيران أن يحاربوا القاعدة وداعش- ناب كلب برأس كلب- وعلى نفقة السعودية.
ولكن المشكلة العويصة هي أن الحوثيين والإيرانيين يريدون أيضا الفتك بالسعودية.
والسعودية، ليست هبلاء لهذه الدرجة.
ومن هنا ممكن أن ننطلق لفهم هذا التدهور الغير المسبوق للعلاقات الوطيدة والعريقة بين السعودية وأمريكا.
ومن هنا ممكن أن ننطلق لفهم هذا التوحد الغير المسبوق للمصلحة العليا لكل من السعودية واليمن، الذي هو مواجهة الخطر الحوثي الإيراني.

٤- مأزق رابع
أمريكا، لم تستطع أن تفهم مقدار نشاز وشذوذ الحوثيين.
أمريكا، لم تستطع أن تفهم مقدار كراهية الحوثيين لبقية اليمنيين وعنصريتهم تجاه باقي اليمنيين وتصميمهم على استعباد اليمنيين.
أمريكا، لم تستطع أن تفهم رعب اليمنيين عندما تقول لهم أن الحوثيين هم أيضا من اليمن وممكن تقبلوهم في إحدى الزوايا أو الخبايا وسيصبح الأمر عاديا وتتعودوا عليهم.
أمريكا، لم تستطع أن تفهم أن الحوثيين قد أصبحوا قوة ضاربة باستعمال السلاح والميليشيات والعصبيات، وأنهم لن يتخلوا عن عزتهم وعزوتهم وسلاحهم وميليشياتهم وعصبياتهم، وأنهم لا يمكن أن يقبلوا بالمشاركة في الحكم كمجرد أعضاء مثلهم مثل غيرهم داخل مجلس رئاسي لليمن تحت رئاسة رشاد العليمي ويكون زميلا في الكرسي مع عيدروس الزبيدي أو طارق عفاش وغيرهم من أعضاء المجلس الرئاسي.

٥- مأزق خامس
الحوثي، يرى أن نفس أمريكا قصير، وأنها دائما تتراجع بشوية مماطلة والتفاف ومناورة كما حدث من قبل في مناسبات كثيرة.
الحوثي، يعتقد أنه يتمتع ب "الصبر الاستراتيجي"، وأنه سيتحمل أي ضنك حتى تنتهي مدة تركيز أمريكا وستجرجر معها باقي اليمنيين والسعودية حسب العادة.
الحوثي، يعتقد أنه سيلطش شوية مكاسب سياسية ومعنوية ومادية كما حدث في ستوكهولم وإعادة التموضع في الحديدة والسواحل وغيرها، وسيخنع ويرضخ اليمنيون ويقنعوا بهذه الخوازيق حسب العادة والنظام.

ثانيا: قدرات أمريكا في البحر الأحمر
أمريكا، تستطيع دائما بالأقمار الصناعية وبرادارات رصد البواخر والقوارب أن تتبع خروج سلحفاة وهي خارجة من موانئ إيران الصغيرة النائية ومتجهة إلى الحوثي عبر البحر الأحمر.
أمريكا أصلا، تتبنى سياسة طفي- لصي في القبض على شحنات أسلحة إيران للحوثي، عندما تصادر شحنة وتترك عدة شحنات.
ولكن يبدو من هذا التطور الجديد في سياسة أمريكا أن هناك اتجاه دائم لضبط تهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين، وهذا يدخلنا في موضة أو تقليعة جديدة من أفكار أمريكا تجاه الحوثيين في محاولة لإعادتهم إلى "المَدَجْ" أو الحضيرة ليقوموا بالدور المرسوم لهم في الخيال الأمريكي من لعبة الأمم.


ثالثا: آخر تطورات اليمن هي أيضا أمريكية
آخر تطورات اليمن، هي:
١- إنهاء الجمهورية الانتقالية الثانية ورئاسة هادي.
٢- إنشاء الجمهورية الانتقالية الثالثة بمجلس رئاسي برئاسة رشاد العليمي.
٣- هدنة حربية لمدة شهرين بين الحوثي من جهة واليمنيين والسعوديين من الجهة الأخرى.

الذي يعتقد بأن فكرة "مؤتمر التشاور اليمني- اليمني" هو فكرة يمنية أو سعودية أو خليجية ١٠٠٪؜، فليحاول أن يتأمل في خطة مركز التفكير الأمريكي المسمى مجموعة الأزمات الدولية بتقسيم اليمن بين لوردات الحرب في اليمن إلى خمسة مقاطعات أو كانتونات، وفي أفكار التقدميين من الحزب الديموقراطي الأمريكي من أمثال بيرني ساندرز وفي تصريحات الرئيس بايدن والمبعوث الأمريكي تيم ليدركنج.
الجمهورية الانتقالية الثالثة، إنما هي الارتجال والتنفيذ العملي على الأرض لكانتونات الأزمات الدولية تحت غطاء "التوافق" و "التشاور" و "السلام" و "المشاركة".
وقد حصل ما حصل.
ويمكننا أن نستفيد من هذا.
وممكن لهذه اليمن المسكينة أن تجني فائدة من هذا التطور المفاجئ للأحداث الذي لم يكن بالحسبان ولا في عالم الخيال.

 رابعا: الحوثي أبى واستكبر
أمريكا، كانت تريد من الحوثي أن يحضر مؤتمر "التشاور اليمني- اليمني" في الرياض ويأخذ له مقعد في مجلس الرئاسة اليمني تحت رئاسة رشاد العليمي.
ولكن الحوثي، أبى واستكبر ولم يَتَّقِ الله وأخذته العزة بالإثم.
"وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ".
نحن يمنيون ونفهم بعضنا البعض عز المعرفة.
ولا أستطيع مقاومة الابتسام وحتى الضحك والقهقهة عندما أتخيل رد فعل الحوثي وهم يعرضون عليه مقعدا في المجلس الرئاسي.
الحوثي، يبرز على شاشة التليفزيون كل يوم الساعة التاسعة مساء طوال شهر رمضان ليقدم المواعظ والكلام الغير المفهوم بينما يتمسمر الحوثيون أمام الشاشة وهم على وضوء كما طلب المسؤول الحوثي في وزارة خارجيته.
كنت أريد أن أرى وجه عبدالملك الحوثي هذا الذي يتوضأ الحوثيون عند الاستماع إليه عندما استقبل العرض الأمريكي أو الخليجي أو السعودي بأن يكون عضو مجلس رئاسي مع طارق وعيدروس ومجلي والمحرمي تحت رئاسة رشاد العليمي.
الحوثي، يضع نفسه في مصاف الأولياء والرسل والأنبياء وهؤلاء يطلبون منه أن يكون عضو مجلس رئاسي.

الحوثي، أبَىٰ واستكبر كما حدث لِمَن طُلِب منه أن يسجد لآدم.

بعد أن ضحكت على تخيل الحوثي وهو يتلقى الدعوة لأن يكون عضو مجلس رئاسي، انتقلت إلى بقية أعضاء المجلس الرئاسي.
الحوثي، قتل عم طارق في صنعاء، ودمر بلاد عيدروس في الضالع وعدن، وطرد وسجن وقتل واستعبد أهل مجلي في صعدة، ونكل بأصحاب المحرمي السلفيين في دماج وقتل أهله في عدن، وحاصر وقصف وقنص أهل وبلاد رشاد العليمي في تعز والآن يطلب الخواجة الأمريكي أو أصحابنا في السعودية والخليج أن يجلس عبدالملك الحوثي مع كل هؤلاء على نفس الطاولة.

ما علينا!

هؤلاء المضروبون المتألمون من الحوثي والمتألمون من بعضهم البعض والمتفرقون في كل إتجاه وكل وادي، قد قبلوا- على مضض- أن يجلسوا معا على طاولة واحدة،
ثم قبلوا- على مضض أكبر بكثير- أن يجلس الحوثي معهم.

ولكن الحوثي أخذ الهدايا الأمريكية والتنازلات السعودية واعتبرها غنائم،
واعتبر الحوثي أن الأمريكيين إنما هم من وسائل "التمكين" الذين سخرهم الله جل جلاله لخدمته وإعلاء شأنه وتحقيق نبوءة الإمام المنصور (الذي هو الحوثي) القادم من اليمن لتحرير مكة والقدس،
وعلى هذا أبَىٰ الحوثي واستكبر أن يجلس في مقعد في مجلس الرئاسة اليمني.

والخواجة الأمريكاني- التائه أكثر مننا- تفتق ذهنه على القيام بلعبة جديدة وهي منع تهريب السلاح الإيراني تماما عن الحوثي حتى إشعار آخر أو حتى يفكر بلعبة أو تقليعة جديدة.

خامسا: همسات للسعودية والرئيس رشاد العليمي
رغم أنها أيام عجيبة وأحداث عجيبة وتعقيدات تتشعبك أكثر وأكثر في كل يوم إلا أن هناك مجالا للاستفادة.

١- السعودية وأمريكا
السعودية، ستستفيد ونستفيد معها إذا استعادت قربها وصداقتها مع أمريكا.
أمريكا، لن تتقبل بسهولة أن يتم استقطاب السعودية باتجاه روسيا والصين ويمكن أن يكون رد فعلها بائخا حتى لو تأخر.
هناك رسالة موقعة من ٣٠ عضو في الكونجرس تطالب الرئيس الأمريكي بايدن أن يعاقب السعودية على عدم وقوفها مع واشنطن في حرب أوكرانيا.
بالرغم من أن أمريكا تقول أنها تريد الانسحاب من مشاكل العرب والشرق الأوسط إلا أنه يبدو أنها لا تستطيع ذلك وأنها كلما انسحبت تعود مرة ثانية.
أمريكا، مستعدة أن تجامل السعودية الآن وتحقق لها بعض طلباتها.
السعودية، ممكن أن تتشرط على أمريكا وتحصل على معاملة أفضل منها تجاه المملكة،
وتحصل على مواقف مفيدة ضد الحوثيين والإيرانيين.

٢- السعودية والمجلس الرئاسي
بذور الخلاف واضحة في تكوين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ولكن كل خيوط الأعضاء مرتبطة بالسعودية والإمارات.
رجاء، هذا ليس وقت الخلاف والاختلاف.

٣- همسة للرئيس رشاد العليمي
أنت مشغول بترتيب الوضع داخل رئاسة الجمهورية.
ومشغول بالعودة إلى العاصمة عدن.
ومشغول بالإجراءات والاعتبارات القانونية.
ومشغول بأعضاء مجلس الرئاسة.
ومشغول بطلبات وأهواء ومماحكات السياسيين.

نحن نستطيع أن نرى بسهولة أنه يمكن أن يغرقوك في تفاصيل تحجب عنك الفرصة والوقت والمجهود عما يهمني أنا شخصيا ويهم كل يمني ويهم اليمن نفسها.

ويمكن البدء بتكليف فريق عمل موازي ينزل إلى الأرض ويقوم بعدها بعصف فكري ويقدم في النهاية تصورا عاما لما يهمنا ولتتخذ أنت بنفسك القرار بشأن ما يجب اعتماده ثم تقود اليمنيين واليمن لتنفيذ ما يهم اليمن.

هذا هو ما يهم اليمن:
أ- تحديد المصلحة العليا لليمن التي لن تتغير بهبوب الرياح.
ب- الإدراك بأن الحوثي لن يتراجع عن الحرب ويذهب للسلام.
ج- عمل خريطة طريق لحماية المصالح الحيوية العليا لليمن وللانتصار على الحوثي وإيران.

*نقلًا عن صفحة الكاتب في فيسبوك


Create Account



Log In Your Account