أشتقت لتعز .. أين سورية؟
الثلاثاء 04 أكتوبر ,2022 الساعة: 04:49 مساءً

اشتقت تعز ولا ادري مالذي يحدث هناك ولا كيف تمضي الحياة اليومية في القطاع المنفصل، 
قطاع منفصل يأتي كتعريف لعلاقة غريبة طارئة وحديثة لمكان بينك وبينه فضول وشجن طفولي قديم ، كأن تعز قطعة بسكويت لم تحصل عليها ايام طفولتك فسافرت لتحظى ب"بابا هايل" ليمنحك مصنعا كاملا يلبي نهمك الطفولي وطيبة قلب قلب الحاج.

شأن عدن التي أحن لساحلها جولد مور ، تلك الأمسيات الدافئة هناك وصدرك يعب الاوكسجين الدافئ السخي بينما تتملى الأمواج وظهرك آمن للمدينة ، وفي عز ايام الزحام ينتظرك جولد مور وحدك ، كأنه حقك انت وبينك وبينه موعد سابق تخلص لإتمامه من كل الفضوليين والمتلصصين وحتى من المارة أبناء المدينة.

امسى وطني قطاعات منفصلة ، تبدأ من السياسة وتنتهى بالجغرافيا وهي تستجيب لأنماط مرتجلة من تعريفات السيادة والإنتماء وكأننا وفي لحظة نزق قمنا بتوزيع الاماكن حتى ضاقت بنا الأرض وحشرت كل منا في ممره الأخير.

السياسة والحرب استدعت لهذه اللحظة النزيهة والعاطفية مع تعز ، استدعت اماكن أخرى تخص السياسة الآن تحديدا وعلى الأقل ولا شأن لها بالعاطفة ، وبدلا من مبادلة تعز تلك الاعترافات.

الحرب على الدوام هي البديل الجاهز للحب ، وتتجول رائحة البارود بوصفها تعقيبا على رائحة إنسانية جبنت عن الإفصاح.

في زمن ما ايام استطلاعات نوافذ كانت تعز لي، وحدقات بائعة القات الصبرية تتسع لارتباك هذا الصحفي المبتدئ وهو يبحث في تعز عن تفاصيل جديرة بتضمين الاستطلاع الصحفي عناصر الإبهار وتملق المزاج الرومانسي بحكايا مقتضبة عن مكان هو التعريف للوجود اللدن ، وكانت بائعة القات سورية قد تمكنت بتلك الجلسة المتمرسة والخبيرة بحركة وتفضيلات السوق قد منحت الحكاية اللازمة والباعثة على الاحتفاء ، عينين واسعتين كأنهما تعيدا ترتيب الالوان والعواطف ومسيطرتان على حركة السوق وعواطف المارة وحتى نوازعهم السرية للغاية، جمال صبري مسيطر ومتمكن وعلى درجة من المسافة مع كل طارئ وكنت انا التجسيد لفكرة الطارئ ، ذلك أنني وبدلا من التحديق في معالم تعز رحت أتملى عيون " سورية " بوصفها هي فحسب معالم تعز .

ما الذي يقوله البشر لبعضهم الآن في مساء تعز ؟ اين يمضي فكري قاسم نهاراته وأي لحن ينبعث الآن من الجحملية ؟ 
كيف تحدق تعز الآن ؟ المكان عينين واسعتين تفصحا عن شخصية الزمن وعاطفة المدينة، وعيون تعز في هذه اللحظة كأنها ترمش توترا من كل شيئ ، من ماضيها ومن شخصيتها كقطاع منفصل ،ومن انسحاب سورية من تلك الزاوية التي جلست فيها ربع قرن مثل آلهة اغريقية تحدد بعينيها فواصل الزمن البيلوجي وتوزع على رعيتها أغصانا هي ترياق الحياة ، انسحبت " سورية " وجلس بدلا عنها غزوان راكزا بندقيته مثل موت مقرفص في الزوايا التي كانت تنبعث منها روائح الحياة في تعز . 
حتى فكري صاحبي ، لا أظنه سيكون في استقبالي حال نزلت تعز ، لن يصطحبني لمقايل قرائه يشيدون بموهبته ومقالاته متسائلين بشأني : محمود ياسين حق مصر ؟ 
لن يتكرر الأمر ،ذلك ان فكري لم يعد هو فكري الذي يلقي الدعابات ولا يكف يخترع اسبابا للتندر ، ولم اعد انا ذلك الفتى الإبي الذي يعمل صحفيا مبتدئا في صنعاء وبوسعه تلقي المدينة بشرا وشوارع فيما يشبه لحظة التقاء عيون بشكل غير مخطط له، ويتبقى من ذلك حس مزيج من الأمان والافتتان .

كثيرا ما وصفتنا انا وأنت يافكري اننا عيال مكالف ، تبين أن الجميع الآن عيال مكلف يافكري ، المكلف العظيمة ، أمنا التي ... .
اثناء ما تتبدل عاطفة البشر تتبدل شخصية المكان ، هو يستجيب لانفعالاتهم غالبا، ومباغتات التاريخ وتصاريف الأقدار هي من تضع في يد المكان كأس عصير او بندقية .

أين تراك الآن يا سورية ؟
 


Create Account



Log In Your Account