مارثون الفساد بين صنعاء وعدن..لماذا عطلت القوانين واجهزة الرقابة؟
الإثنين 28 نوفمبر ,2022 الساعة: 09:20 مساءً

لا حديث مهم يمكن ان يشغل الشارع اكثر من مارثون السباق بين صنعاء وعدن في الفساد والافساد، الذي تجاوز مؤسسات الدولة ومواردها السيادية والمحلية، ليصل الى نهب الناس من خلال فرض الجبايات الجائرة على كبار التجار وصغارهم، وعلى المواطنين البسطاء.

يختلفون في السياسة، ثم يتسابقون من ينهب اكثر، وكل الطرق والسلوكيات التي تستخدم في النهب والفساد، متطابقة بين صنعاء التي يحكمها الحوثين وعدن التي تحكمها الشرعية، واحيانا يخترعون طرقا جديدة غير موجودة من قبل، ويقلدون بعضهم البعض.

الفساد هو الغول الكبير الذي دمر اليمن، وافقر الشعب، وانتج الثورات والانتفاضات الشعبية، وفيما كان الشعب يأمل من الثورات والتضحيات التي قدمها ازاحة الفاسدين والمستبدين، واحدث التغيير والاصلاحات المطلوبة، اذ به يفاجا بفاسدين جدد، ركبوا الثورات في الوصول للسلطة، ثم ما رسوا الفساد بصورة افظع من ذي قبل.

في عدن التي تعد الان عاصمة اليمن، تتسابق الاحزاب والمكونات التي جاءت بها الثورات مع بقايا رجال صالح على الفساد والنهب والاثراء غير المشروع، اذ يقول الناس ان الثورجين تفوقوا على رجال صالح في مارثون الفساد والنهب، بصورة تجعل الشعب يعض اصابع الندم على التضحيات الكبيرة التي قدمت في محراب الحرية والتغيير والتحرير.

وفي صنعاء يتسابق الحوثين ايضا مع بقايا رجال صالح على من يفسد اكثر، ومن ينهب اكثر، وفي كلتا الحالتين لا توجد دولة، وانما سلطات عصبوية وشلليات، عطلت اجهزة الرقابة، لتحقيق مصالحها الذاتية على حساب مصالح الناس والبلد.

سلطة صنعاء لا تدفع المرتبات للموظفين منذ سنوات مع انها تجني المليارات سنويا من الضرائب والجمارك والاتصالات والجبايات الاخرى، وفي عدن قطاع كبير من الناس بدون مرتبات، وهناك من تتاخر مرتباتهم لأشهر، مدنيين وعسكرين وموظفين نازحين، في الوقت الذي تدخل البنك المركزي المليارات من ايرادات المؤسسات والمصالح والمنافذ البرية والبحرية المختلفة، عدا عن المنح والمساعدات الخارجية.

في صنعاء لا توجد تنمية ولا مشاريع جديدة ولا بناء ولا اعمار، وفي عدن والمناطق المحررة نفس الشيء رغم ان الحكومة رصدت ثلاثة تريليون ريال كموازنة للعام الجاري، صادق عليها البرلمان في ابريل المنصرم، وشارف العام على الانتهاء ولا يعلم الناس اين ذهبت هذه الاموال.

الفساد الذي هو اساس الخراب والدمار والفقر والجوع في اليمن، محمي من الخارج والداخل، من الخارج دول تدعمه وتعين المسؤولين والحكام، ومن الداخل عصابات ولوبيات متمرسة على الفساد، عقدت القوى الجديدة معها تحالفات المصلحة، ليستمر العبث باليمن وشعبه ومستقبله.

لاجديد في الافق، فالمارثون يبدو انه طويلا جدا، وسوف يستمر، ويمكن الاشارة ايضا الى ان نهب الاراضي العامة والخاصة مزدهر في صنعاء وعدن منذ سنوات، بصورة فظيعة من قبل عصابات محمية بالجيش والامن والمليشيات، دون ان يردعها رادع من قانون او ضمير.

في عدن هناك بصيص امل، ويكمن ذلك في امكانية صحوة الناس وصحوة المكونات الجنوبية، التي يفترض ان ترفض ما يحدث وتقاومه اذا كان لديها مشروع كما تقول، لا ان تكون جزءا من هذا العبث والخراب، الذي سيكون له نتائج سلبية عليها في المستقبل، ناهيك عن اهمية الضغط باجراء تغييرات شاملة في اجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة، وتفعيل اجهزة الرقابة، وفي البدء من هذا كله تغيير الحكومة التي اخفقت منذ ثلاث سنوات عن ايجاد حل لارتفاع اسعار الرغيف والروتي على الاقل، وهذا ابسط مثال على الفشل العميم.

اما في صنعاء فانه لا امل في الاصلاحات اطلاقا الا برحيل عصابة الحوثي من الحكم بصورة او باخرى، لان وجودها يحدث تضاد مباشر مع امكانية ايجاد دولة من الاساس، لا سيما وان فكرتها القائمة ايضا نقيضة لدولة المؤسسات والعدالة والمواطنة.



Create Account



Log In Your Account