الأربعاء 30 نوفمبر ,2022 الساعة: 11:48 صباحاً
بعض مواساة لملاطف كانت أكثر إذلالا من استياء بيت الحميدي ، يقولون له ويشهدون : انت أصلي قيل حميري سبئي حاشدي الخ ، وكأن ابن الحلاق عار بحاجة لشهادة ومشجر مرتجل ليستحق الاحترام ، حتى ان أحدهم استبعد ان يكون ملاطف ابن مزين ، ياللمرافعة.
وكتب آخر وكثيرا مايردد كثيرون : المزاينة مخلقين واكثر وفاء للصحب من القبايل وهكذا ، وفي سياق تحقير سلالي ينخر المجتمع كله ، واصلا لا تعميم ان الحلاقين والجزارين طيبين كنوع من المواساة ، هم ناس فيهم الطيب والشرير ، ولا ينبغي تمييز وارث مهنة لا سلبا ولا ايجابا ، مساواة فحسب بلا تكلف ولا اظهار تسامح الأصلي مع من يظنه اقل وماشابه.
جميعنا يمنيون اصليون بالانتماء للانسانية ولهذا التراب ، لا أحد اقل او أكثر ، تلك هي المعادلة والاستحابة لشروط حياة لائقة بالبشر والنجاة من علة مهينة لم تعد متفشية الا في بلادنا اليمن .
عفن متأصل وكم انه موجع اعتذار ملاطف يكشف الاعتذار كم اننا شركاء جميعا في إذلال ابناء الحرف المهنية الموروثة في اليمن .
رحتم تدينون بيت الحميدي وكأنهم وحدهم من يعتنق هذا الاحساس العنصري اللعين ، ناهيك عن كارثية اغلب التعليقات المتضامنة مع ملاطف في صفحة الشخص الذي أساء إليه تضمنت صورا وإعلانات مهنية من نوع " صالون الحميدي " و" مجزارة الحميدي " مضافا اليها جملة تعليقات من نوع : ملاطف أءصل منك وانت الا حلاق موش دكتور وانت الا جزار ، وهكذا يتم التضامن مع حالة اشتباه وتجانس في اللقب لتحقير ابناء مهنتين وبشكل صادم .
كلنا شركاء في الإساءة لهذا الانسان قبل ان يكون يمنيا وقبل ان يظهر كفنان .
كلنا شركاء واولنا كل من كتب تضامنا مع ملاطف وهو يعلم في قرارة نفسه انه لن يتقبل يوما مصاهرة ملاطف .
نتهم السادة وفي كل منا سيد على من هم وفقا للفرز الملعون اقل منه ، القبيلي يحتقر المزارع والمزارع يحتقر الجزار والجزار يحتقر الاسكافي والاخير يحتقر " الخادم " .
رجال اعمال بارعون وخيرون وأنداد لأفضل رجال المال في العالم ،وعندنا هم فقط اولائك المحظوظون الذين يمكن التسول منهم ولا يمكن مصاهرتهم ، لقد ورثوا ذلك التعريف المؤلم وورثوا معه وجودا ناقصا ،حتى لو حظي ابن الحلاق بجائزة نوبل وتمكن آخر من قيادة جيش يصد به الغزاة عن بلاده لما لانت لعنتنا الأبدية هذه ،والتي تظل نقيصة اليمني بالدرجة الأولى وهو يتثقف ويتضامن ويتحزب ويتسيس ويتعافى من الطائفية والمذهبية والمناطقية لكنه لا يمتلك النزاهة والجسارة للتعافي من موروث التمييز وفقا لميراث المهنة .
يجب أن نصل بالتعريفات : شيخ حلاق قاضي جزار فقيه أستاذ اسكافي الى مرحلة كونها فقط مسميات وظيفية لا أكثر .
في حلقة تلفزيونية لمحمد الأضرعي وهو يقدم نموذجا لحلاق استفز هاشميا بمقترح مصاهرته ، وتلقى صفعة " وفقا للسيناريو " السؤال يا محمد : هل تملك النزاهة الكافية واحترام الانسان وتتقبل انت مصاهرة الشخصية التي لعبت دورها وقدمتها لنا كضحية ؟ قدمت الشخصية كضحية لأسرة بعينها حصرا ، وفي سياق سياسي مرتبط بظروف معركة سياسية لا علاقة لها بمعركة وعي ونضال عام في سبيل المساواة .
اننا نعيد انتاج امراضنا ونجيرها ونستخدمها في سلسلة ادوات وادوار لا نمتلك معها شجاعة الاعتراف اننا جميعا مرضى ومنخورون بعلة واحدة اسمها التمييز .
لن اقلل من ال الحميدي متسائلا : من هؤلاء ؟ انهم نحن دون اختبار قاس كهذا الذي وضع ملاطف الجميع فيه وخلص من خلال تجربته للحكم على الجميع بكونهم اقل من عاطفته ومن طموحه ومن بساطة مطالبه بالوجود الكريم .
زيف وكذب نظهره لنبدو انسانيين لبعض الوقت ،ببنما يتطلب الأمر خوض معركة لمحو التمييز داخل المجتمع اليمني ، التمييز بكل أشكاله ، ولن يتحقق هذا بغير مبادرة المثقفين والأسوياء لتخطي هذا الحاجز عمليا ، وتعرفون مااعنيه بكلمة " عمليا " .
لا يزوج المثقف بناته الا لأبناء المهن المحتقرة ولا يخطب لأبنائه الا منهم ، هذا على المستوى الشخصي ، والأهم خوض معركة لاستصدار قوانين تجريم العنصرية والتمييز بكل اشكالها وأي شخص يفصح عنها يقع تحت طائلة القانون ويعاقب ويغرم .
اجراءات عملية ، اولها معركة وعي وتنوير وخاتمتها قوانين مساواة نافذة ورادعة .
وعلى كل ،فإن ردة الفعل الغاضبة عموما تفصح عن حالة مجتمع يريد ان يتعافى ، ولو لم يدرك البعض كيف ولا اي الأدوات يستخدمها ويجد الفارق بين التعاطف وإرادة الفعل الحاسم ، على ان المنغص والمرعب في أن نسبة لابأس بها من مواد التضامن مع ملاطف اعتمدت معيار إزالة الاشتباه ، وأنه ضحية اعتقاد خاطئ بكونه " ناقص " وهو في الحقيقة بريئ من تلك التهمة وينتمي لقبيلة ما ، وبالتالي ووفقا للتوضيح فهو لا يستحق الاحتقار ، وهذا هو المروع في هذه التضامنات .
جيد ان اعتذرت يا ملاطف لبيت الحميدي ، وبينت انك لست واحدا منهم ، لنعرف جميعا إلى اي مدى وصلنا في الحضيض ، وانك ستظل على مسافة منا جميعا مالم يتم انصافك عمليا قبل الرقص على ايقاعك الملهم والحزين .
محبتي يا ملاطف ، وليلطف الله بمجتمع اوغل في دماغه المرض حد الهذيان .
نقلا عن صفحة الكاتب على فيسبوك.