زَبلْوطْ ؛ بَلْعُوط.. وبلْطجِي
الخميس 03 أُغسطس ,2023 الساعة: 11:23 صباحاً

ليْسَ ثمّةَ معتقدٌ أو نظامٌ فلسفيٌّ أو تصوّر اجتماعيّ يمكنُ أن يدرس بعيدًا عن اللغة وألفاظها لاسيما المحكية والمتداولة بين الناس؛ فهي تختزل وتوثّق وتعكس حالة السّخط السائدة والاحتقان. 

مِنْ هذهِ الألفاظِ : " زباليط / زبْلوط" وبلعوط المزدهرة على ألسنة الجمهور الشهيرة في اليمن لوصفِ سلوكٍ مذمومٍ عندهم؛ تتبعتُها في أمهات القواميس العتيقة مدركًا مغزى اعتمادها نظام الحرف الأخير " القافية" ولتظهر لي علاقة بين الألفاظ المنتهية في جذرها بحرف [ الطاء] ودلالاتها السلبية :" بلعوط / عضروط/ بعطوط /خراط / زعموط / زناط  / زحلوط / بليط/ زعبوط...."
وهذا بحث لساني انثروبولوجي، سيكفينيه الله، لنَعُد إلى الزبلوط والزباليط؛ فقد شغلوني والناسَ في بلادي التي كانت سعيدة من دونهم ... وزبلاطاتهم! 

         حقيقةً لم أعثرْ على الزبلوط  وجذره في المعاجم العربية؛ فقد (زاط) مني إنّما وجدناه في كتاب معجمِ الألفاظ ِالمحكيّة في البلاد العربيّة: (زبلط) تذمّر، وتهرَّبَ من دفع ما عليه، وجعلها صاحب المعجم بعد بحثٍ واستقصاء [خاصة] بلغة أهل اليمن وحدّها دون تعليل أو شرح... لكنّها في اليمن وفي مناطق معينة تتسع دلالة اللفظة لمعانٍ أخرى سلبية؛ مرتبطة بالدهاء والخبث والمكر أو الاحتيال وأحيانا إيحاءات فاضحة ... 
   مِنَ الممكنِ أنْ تكونَ لفظة (الزحلوط) المتداولة في القواميس العربية أي الخسيس هي الأقرب لفظاً ومعنى من لفظة (الزبلوط) اليمانية. 
      عِنْد الأزماتِ تسوءُ أخلاقُ بعضِ الناس؛ وفي اليمن حيث الأوضاع البائسة والناس متذمّرون من الحُكّام والمسئولين وكافرة بهم شمالاً وجنوبًا حتى على مستوى عُقّال الحارات واللجان والمنظمات والتنسيقيات إلى طبول الإعلام وهم أساطين الزبلطة في يَمننا الحبيب ... 

مع أننا ضد أن يُقالَ عنهم كلهم (زباليط) لأنّهم أنانيُّون انتهازيُّون؛ يتهرَّبون من مسئولياتهم وواجباتهم تجاه الشعب متذمِّرين ساخطين بالسِّر؛ ومعلِّلين الناس بالآمال والغد المشرق والصبر والوديعة، ولا صوت يعلو فوق صوت الحرب والمعركة، وقرابين الشهداء. 
     زَعَطُوا الشعبَ زعطًا؛ حتى زَعط منهم ! إلى موتٍ زاعطٍ ! وحياة زعروطةٍ.... ثلطُوا عليه ثلطًا من ماله وقُوتِه.... وتزاوطوا ..
...
         غيرُ صَحيحٍ أنْ تكون الزبلطة وراثة أو مرتبطة بعرقٍ أو سُلالة ونَسَب أو حتى منطقة إنّما سلوك مكتسب... هذا مؤكد فلا أحد يُولد زبلوطًا ولو كان من أبوين زبلوطين .. لكن ما الذي يدفع الزبلوط ليكون زبلوطًا ؟ هل التربية أم الظروف أم الأقران أم الكفيل... علينا أن نفهم الزبلوط وندخل في وعيه وتطورات مدركاته وتشكُّلاته ونراقب تحولاته بحذر... الأهم من هذا وذاك ... كيف تعرف أنّ هذا زبلوطًا أو ذاك؟ وهل الزبلوط نفسه يدرك أنّه زبلوط؟... كيف يبرر زبلطته لنفسه أو لغيره؟... ولماذا كانت ظاهرة الزبلطة في اليمن دون غيرها من البلدان؟ 
        
        الناسُ ولا أظنّ أنّها مُخطئة جعلت كل من اغتنى في هذه الحرب فجأة زبلوطًا من الزباليط، وهذا قياس فاسد لكنه مفهوم ومبرَّر....  هل في كلّ واحدٍ مناّ زبلوط مختبئ في داخله ينتظر الفرصة ليتزبلط؟ ...                         لسان حال كل زبلوط.. بدأت أشُكُّ...! 
   أما (الزحروط ) فهو الجمل المُسِنُّ الهرِمُ، ورجال دولتنا (زحاريط) فعلاً لا عمرًا وقولاً ! ..أما ذاك الزحروط الهرم فيا رحمتاه  لحاله...إنما صديقي القديم كان لقبه الزعروط وكان يحسن الرَّفس بالكرة وهدّاف ماكر أشول.
   
        يترقّى الزبلوط  ويتصعَّد في مسيرته الزبلاطانية وقبل أن يتوَّج  (بلطجيًا ) مبلطًا ومتبلَّطًا يمرّ بمرحلة انتقالية يكون فيها (بلعوطًا) وهي مرحلة طبيعية في مسيرة حياة الزبلوط  ولا مفرَّ من تحوُّله إلى ( بلعوط) وبلعط أي طغى/ وأكل حقّ غيره، والبلعطة: الاستقواء، والزبالطة الملاعطة أنتم تعرفون أنهم بغير الله يستقوون . 
{ملحق مهم} إلى الشرق من باب السلام يقع حي (الزبلاطاني) وهو من الأحياء الشهيرة في دمشق؛ ومع هذا لا تجد فيه زبلوطًا واحدًا يماثل زبالطينا الكرام ... " تهمة بلا طعمة"!


Create Account



Log In Your Account