الصُورَةُ النمطيّةُ بين الآخرُ اليَمَنِيّ والذاتُ اليَمنيّة
الإثنين 18 سبتمبر ,2023 الساعة: 12:53 مساءً



      تشكُّلاتُ الصورةِ الذهنيّةِ النمطيّةِ عندَ الأفرادِ والمجتمعاتِ لها تأثيرٌ واسعٌ على مداركِ الأشخاصِ؛ فهي تعملُ كموجِّهاتٍ ثقافيّةٍ واجتماعيّةٍ، إذ أنّ الصورةَ النمطيّة المتكوّنة لدى (الذّات) اليمنيّة عن (الآخر) اليمنيّ هي موجِّهاتٌ للتعاملِ بينَهما، وهذا الأمرُ بكلّ تأكيدٍ يقودُنا إلى أمرينِ لا ثالثَ لهما: إمّا القدرة على التعايش والتوافق أو اللجوء إلى المواجهة والاحتراب بكلّ أشكالِه الدّمويّة أو غير الدّمويّة.

   والسُؤالُ الإشكالُ كيف تؤثر هذه الصورة النمطية بعمقها وأبعادها على الذّات (اليمنية) في مواجهة (الآخر) اليمني؟ وهي تتأصل يومًا بعد يوم في ثنايا الثقافة المجتمعيّة.


    التاريخُ يشهدُ أنّ اليمنَ بامتداد رقعته الجغرافيّة له حِصّة وافرة من التنوّعات والاختلافات الاثنية القبليّة والمذهبيّة والجهويّة والعقائديّة عاش حالات من الاحتراب الدائم كما يعيشها اليوم؛ يشوبها فترات من التعايش، ستظهر الحاجة المُلحَّة لفهم وتوضيح واقع المجتمع اليمني وتفسير هذه الإشكالية التي لها تأثير كبير على المجتمع اليمني.


   مُعطَياتُ الواقعِ كارثيةٌ فالصورة النمطية للذّات اليمنية عن الآخر اليمني متراوحة بين العِداء التامّ، وإعلان الحرب وإجراء عمليات التّثقيف المعاكِسة، وخصوصاً العقائديّة، وهذا يدلّ على شيء واحد وهو ترجيح كفّة الاحتراب على كفّة التعايش السِّلمي.


    حقيقةً إنّ الصورةَ النّمطية للآخر اليمني بعيدة كلّ البُعد عن الواقع بل مشوّهة بصورة مبالغة، وهناك علاقة لوسائل الإعلام لتفاقم انتشار الصور النمطية المقولبة عن (الآخر) حوثي، داعشي، انتقالي، إخواني ...، من خلال ما تبثُّه من برامج ومواضيع منمّطة وصور وهاشتاجات #


  لفظةُ (الذّات) في أغلب المعاجم تعبّر عن الهويّة التي لها دورٌ فعّالٌ في تشكيل الصورة عن الآخر، هذا من جهة ومن جهة أخرى يعتبر (الآخر) صاحب الدّور الأبرز في تمييز الذّات عن غيرها على اختلاف هذه الذّات سواء أكانت فرداً أو جماعة أو مجتمعاً؟، فالذّات يتميز بها عن الآخرين المختلفين.


     المظلمةُ الجنوبيّة تمّ تصعيدها إلى أزمة هويّة للذات الجنوبية اليمنية ساهم الآخر اليمنيُّ في بروزها بعد حرب صيف 1994 واجتياح الجنوب، رغم أنّ بيان علي سالم البيض 21 مايو، لم يتخلَّ عن الهوية (اليمنية) بإعلانه (جمهورية اليمن الديمقراطية)، دون (الشعبية) المسمّى السابق قبل الوحدة بين الشَّطريْن، لكن الآخر اليمني كان منتشيًا بالنصر إلى أبعد حدود ولم ينتبه أنه يزرع بممارساته الإقصائية ومركزيته المُفرِطة عِداءً وهويًة جديدة منكّرة ومتنكِّرة للهوية اليمنية اتخذت مسمى (الجنوب العربي)، كشكل من أشكال الرفض وإمعاناً في التمايز يتم التفكير بجدّية بمسمى (حضرموت الكبرى) لما يثيره مصطلح الجنوب من مشاكل، وهذه المسمّيات تعمل كموجّهات ثقافية اجتماعية وصورة نمطية ترسِّخ حالة التباين والاختلاف، وتُنبئُ بجولة جديدة من الاحتراب.


   فائدة لُغويّة: الصحيح في النسبة إلى اليمن هو (يماني) وليس (يمني)، على غير القياس، لكنّ الخطأ الشائع خير من الصّواب الضائع كما يزعمُ أهل اللغة، ونحن نراوح في استخدام اللفظين: (يماني ويمني)

ومن الشواهد:

وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ ... كَأَنْ لَمْ تَرَ قَبْلِي أَسِيرًا يَمَانِيَا " عبد يغوث الحارثي"

«الإيمانُ يمانٍ والحِكمةُ يمانِيَة، وأَجد نَفَسَ الرحمن من قِبَل اليمن، أَلَا إنَّ الكفرَ والفسوقَ وقسوةَ القلب في الفَدَّادين أصحاب المَعِز والوَبَر».
  رواه أحمد والطبراني

وَمَجدي يَدُلُّ بَني خِندِفٍ... عَلى أَنَّ كُلَّ كَريمٍ يَمانِ (المتنبي)

وَتَضْحَكُ مِنِّي طَفْلةٌ تُونسِيّة... كَأَنْ لَمْ تَرَ قَبْلِي شَريدًا يَمَانِيَا

            


Create Account



Log In Your Account