عبود وجولة في مدينة لا تموت
الأحد 28 يناير ,2024 الساعة: 06:10 مساءً


ثمة جمال ينتشر في شوارع المدينة العتيقة، جمال يتعلق بالمكان، يتعلق بالازقة والشوارع وحركة التغيير، جمال في سفلتت الشوارع واصلاح الارصفة وتشجير الجزر، تعز تخرج شيئاً فشيئاً من حالة الجمود والتقوقع التي يراد لها ان تظل فيها، انه النور الذي ينتشر ببطئُ شديد جداً، فأعداء المدينة كثر يتربصون بها، خوفاً منها لا عليها، ابنية محطمة تُهد ويعاد بناؤها، عمال النظافة يتناوبون في نظافة الحواري والشوارع الرئيسية والفرعية ، هناك تناقص في عدد المسلحين في شوارعها، الا انهم لا زالوا يعكرون صفو الهدوء والسكينة في المدينة، اتاني عبود ابن القرية الذي نزلها بغرض الدراسة في جامعة المدينة، لم يتجول فيها منذ عام ونيف، هناك حيث يسكن بجانب الجامعة في عمد لا مكان لديه للخروج، عندما التقيته قررت ان اعرفه بأهم معالم المدينة، بدأنا خطواتنا من امام مستشفى الثورة العام، مشينا الهوينا الى جولة مكتب طيران اليمنية، وفي كل خطوة نخطوها اقص له سيرة مكان شارع حارة زقاق، اتجهنا نحو مدرسة الشعب ومباشرة نحو مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، وجدناها مشرعةً ابوابها للزائرين، عبود كان مندهشاً وفرحاً لهذه الزيارة، دخلناها وعلى الفور من الاستقبال الى مكتبة السعيد، الكتب والرفوف المختلفة هنا الدين وهنا التفاسير والسنن، هنا العلوم بمختلف اصنافها، وهنا الآداب والمعارف والصحف والمجلات والدوريات السيارة، انا اتأمل واسترجع الماضي مع هذه المكتبة وعبود يكاد يطير فرحاً بما يرى ويقول اين كنت من هذا طوال الفترة الماضية، انه يرى المراجع والآثار والعلوم، حيث يمكن ان ينمي معارفه ويوسع من اطلاعاته، بعد الجولة في المكتبة عدنا ادراجنا وخرجنا بإتجاه حارة الاكمة وسوق الصميل، مهد الطفولة وحكاياها والعابها وقسوة الحياة، فهنا عشت اجمل واقسى ايام العمر، هنا الفرح والحزن هنا الوحدة والعزلة والاصحاب، هنا المغامرات الطفولية مسجد الرضوان والشجرة هناك، دكان ابي حفظه الله منزل الفنان عبدالكريم مهدي فندق حبيب، سوق الجزارة، معالم لسوق الصميل بعدها صعدنا بإتجاه النقطة الرابعة حيث مستشفى الامومة والطفولة، ومستشفى امراض السرطان والنادي الاهلي، شاهدنا جزء من مباريات براعم الاهلي ومن ثم مرينا بجانب حديقة جاردن سيتي، ونحو كلية الآداب تجولنا فيها ومن ثم اريته مبنى المتحف الوطني المتهالك وما كان يزخر به من آثار ومقتنيات الامام احمد يحيى حميد الدين، ومبنى البنك المركزي وادارة الامن ومكتب الاذاعة والدفاع المدني، وهناك ملعب الشهداء مغلق، كنت واياه متلهفاً لدخوله ولكن للاسف وجدناه مغلق، هنا العرضي وهنا كان يتم تنفيذ احكام الاعدام بهذا الميدان ومن الشهداء الابطال الذين اعدموا هنا الشهيد البطل احمد الثلايا، وانحرفنا حول الميدان بإتجاه مبنى صحيفة الجمهورية لم نجد سوى حراس والمؤسسة معطلة، سألنا الحارس فقال لنا فتحت يوم وتصوروا في المكان وصدر عدد من عدن ورحلوا، كنت اتوق لدخول المؤسسة واجد بلال الطيب وكادرها هناك، ولكن يبدوا ان الامور لم تستقر بعد هنا، صعوداً نحو قلب الجحملية ومشاهد الدمار هناك، وفي مشينا استحضر له بعض ما كان في هذه المنطقة قبل الحرب واثناءها، بعدها مررنا بجانب فرن الكدم الذي قد تم هدمه، ذكريات تنداح في هذه الامكنة والشوارع، فجراً وعصرا مواعيد صرف الكدم في زمنٍ كان، نزلنا بإتجاه مدرسة معاذ بن جبل النموذجية حيث هنا بدأت مداركي المعرفية وحيث كان التعليم المتكامل، البريد ومكتب الضرائب والمالية والفرن الفرنسي وبقالة الفريس والغرفة التجارية ومكتب التجارة والصناعة ومن ثم جولة الاخوة ودمار فندق مأرب، الى المركزي والتحرير الاسفل وكشك المركزي الذي لازال مكانه فارغاً ينتظر الجميع عودته، الى التحرير الاسفل ومحلاته التجارية والتفافاً الى ساحة الحرية .. والعودة لشارع الثورة والى سوق الاشبط، جولة عرف عبود اهم معالم المدينة ومازال في جعبتي الكثير لاريه المعالم الاخرى في المدينة القديمة ان تسنى لي وله وقت لجولة اخرى... في مدينة لا تموت ... وكلما حاولوا دفنها خرجت كطائر الفينيق من تحت الرماد كما في الاساطير القديمة.


Create Account



Log In Your Account