الإصلاح الاجتماعي.. مقدمة للإصلاح السياسي ـ1 ـ
السبت 24 فبراير ,2024 الساعة: 04:19 مساءً

في ظل واقع اجتماعي وسياسي مأزوم، تبحر القوى السياسية في بلدنا بسفينة تعطلت محركاتها، وغير قادرة على تحديد وجهتها، محاولة الوصول بالبلد إلى شاطئ الأمان، متجاهلة البداية الحقيقية لصلاح البلاد والعباد مما هو حاصل، واعتقد جازماً أنه لا يمكن أن يكون هناك إصلاح سياسي بدون أن يسبقه أو يتماشى مع عملية إصلاح اجتماعي،  فالمجتمع اليوم أصابه أكثر مما أصاب البنية السياسية من تمزق وتشرذم وضياع للقيم والسلوكيات التي على أساسها يبنى أي مجتمع يريد العبور والابحار صوب الدولة المدنية الحديثة، هذه الدولة الحلم التي ضحى لأجل قيامها الآلاف من رجال اليمن جنوباً وشمال، عملية الإصلاح الاجتماعي ليست عملية تنظيرية محاضراتية، وانما هي عملية نزول نخب مثقفة ومتعلمة إلى أوساط الجماهير الكادحة في المدن والقرى، تتلمس همومها ومشكلاتها فتعمل ميدانياً على حل ما يمكن حله، أن المجتمع اليوم فقد ثقته بالدولة وبأجهزتها الأمنية والقضائية وبملحقاتها من المشايخ والوجاهات ذات العمل الربحي من مشاكل الجماهير، ولذلك فهي بحاجة إلى النخب المثقفة والمتخصصة في مجالات يمكن أن تساهم في حل مشاكل الجماهير وايضاً تعمل على تثقيف هذه الجماهير بما يؤدي إلى الارتقاء بها إلى مستوى الهموم الوطنية المتعاظمة، ومن خلال عودة إلى تجربة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية نجد أن الوعي يسبق الدولة أو بناء نظام معين أساسه العدل والحرية والديمقراطية، والاصلاح الاجتماعي سيؤدي بلا شك إلى رفع نسبة الوعي بأهمية الدولة، وسيعي كثير من المواطنين الحقوق التي لهم والحقوق التي عليهم، وعندما يتعاظم هذا الوعي وتزيل النخب المثقفة والكوادر المؤهلة الشوائب والمعيقات التي تعترض الترابط الاجتماعي في المجتمعات الصغيرة كالقرى والمحلات، هنا المجتمع سيعمل على تأطير نفسه في شكل اتحادات وما يشابهها من التكتلات التعاونية،  من اجل تنمية مناطقهم في مجالات مختلفة،  سيعي هذا المواطن اهمية التعليم،  واهمية الارض الزراعية، واهمية الطريق، واهمية ترشيد استخدام المياه، وقد بدأت بالفعل تشكيلات مجتمعية في بعض المناطق، برعاية الصندوق الاجتماعي للتنمية، مثلاً في مديرية الصلو تم انتخاب مجالس قرى ومجالس عزل تشكلت من مجالس القرى، وكل مجلس مهمته تعزيز التنمية والترابط الاجتماعي وحث المجتمع على المبادرات النافعة،  ولكن تظل مثل هذه المجالس والاتحادات بحاجة إلى تأهيل وتثقيف وتنوير ودعم لها من القوى السياسية ومن الدولة ممثلة بسلطتها المحلية، خاصة في هذا الواقع المرير والمزري، نجاح عملية الاصلاح الاجتماعي سيفتح الطريق واسعاً أمام أي حركة اصلاح للجانب السياسي، لأن وعي القاعدة سيجبر الساسة على مثل هذه الاصلاحات المطلوبة، وهنا نحتاج إلى كوادر مختلفة تقوم بحملات التنوير،  نحتاج إلى دكاترة جامعات، نحتاج الى مهندسين،  ونحتاج إلى اطباء ومحامين، إلى مرشدين زراعيين.. ونحتاج ايضاً الى مصلحين اجتماعيين علماء دين تكون رسالتهم غرس القيم الاخلاقية في الجماهير .. قيم التعاون والترابط والاخاء والوفاء والاخلاص في العمل وفي العلاقات الاجتماعية وفي حفظ الحقوق البينية.. نحتاج إلى الانسان القدوة في اخلاقه وسلوكياته ونزاهته.. وعمله الدائم من أجل تمكين الفرد من حقوقه.. وتمكين ابناء المجتمع ككل من حقوقهم.. عندما قامت الحضارات كانت هناك قدوات.. وكانت هناك رسالات سماوية وارضية.. كانت هناك مخاطر وحروب حتى تكونت المجتمعات الكبيرة وبنيت الحضارات.. وللحديث بقية.


Create Account



Log In Your Account