الإثنين 01 أبريل ,2024 الساعة: 08:59 مساءً
استلهم كتابة هذا المقال من كتاب "حول الثورة والوحدة الوطنية الديمقراطية وآفاقها الاشتراكية" للاديب والشاعر والمثقف والسياسي الراحل عبدالفتاح اسماعيل.. مؤسس الحزب الاشتراكي اليمني..
صحيح أنه تغيرت الظروف، وتغيرت بعض الافكار والتوجهات، ولكن وبنظرة متأنية وقراءة ثاقبة لهذا الكتاب الهام في سرد مسار الأحداث الثورية والفكرية في جنوب اليمن قبل وبعد الاستقلال الوطني الناجز في 30 نوفمبر 1967 م، نجد أن الكثير، أيضاً من الأفكار التي طرحت كحل في تجربة الحكم في جنوب اليمن بعد الاستقلال لا زالت صالحة إلى اليوم كي تشكل منفذاً لعملية تطور تاريخي لليمن ككل..
لقد انصبت الجبهة القومية بعد الاستقلال في عملها على بناء دولة من بقايا مشيخات وسلطنات، وامية وتخلف كبير في عموم الجنوب، ولذلك كانت معركة ما بعد الاستقلال صعبة وقاسية، ولم تكن مجرد سلطة تضع شعاراتها وتترك الوضع الاجتماعي كما هو من حيث التعليم والتطوير وبناء مداميك الدولة،
وكذلك الاهتمام الكبير بالجانب الزراعي وبالطبقة الكادحة الاكثر فاعلية وهم الفلاحين، في الجنوب كان بناء الدولة من الصفر تقريباً، وكذلك انتشال المجتمع من الجهل والتخلف والامية المنتشرة بقوة في مدنه واريافه، وفوق كل ذلك كان الاهتمام بقضية اليمن الكبير الموحد حاضراً في كل مراحل النضال قبل رحيل المستعمر وبعد رحيله..
ظلت القضية الوطنية للجنوب وللشمال موجودة في ادبيات الحركة الوطنية التي مثلتها هناك الجبهة القومية واحزاب اليسار والتي بعد ذلك تجمعت في بوتقة واحدة هي الحزب الاشتراكي اليمني، ومن اهم ما ركزت عليه محاضرات وتناولات عبدالفتاح إسماعيل في هذا الكتاب الهام هي غرس الوعي الوطني والوعي الثقافي بكل ما يجري في الدولة الناشئة والوعي بما يطمح اليه الشعب لاجل بناء مستقبله، الوعي بالحالة التي هي عليه الدولة آنذاك والوعي بما يسعى اليه الجميع من بناء دولة يسودها النظام والقانون قائمة على العدالة الاجتماعية والمساواة والتنمية الزراعية والصناعية، وهناك تركيز على الجانب الزراعي والعمل على الاكتفاء الذاتي من الحبوب والخضروات، وان يكون للفلاحين دور في القيادة وإدارة البلاد، من خلال الاتحادات العمالية والفلاحية، كما ان رفض الظلم والاستبداد المشيخي واستغلال المناصب من ضمن ما تبنته وعملت عليه التجربة الاشتراكية في الجنوب، وعملت على ترسيخ مبدأ القيادة المشتركة وعدم استئثار شخص رئيس الجمهورية بقرارات الدولة، وانما تتخذ القرارات بشكل جماعي تشاركي يقوم على مصلحة الشعب والدولة، كذلك بناء علاقات دولية تكون للدولة سيادتها على أرضها سيادة حقيقية..
وقد واجهت هذه التجربة الفريدة في العالم العربي حصاراً اقليمياً أثر بشكل كبير في عملية التطور ونجاح التجربة الاشتراكية في الجنوب، بل ان المؤامرات الاقليمية هي ما ادت الى المآسي التي حدثت في عدن كأحداث 13 يناير 86 م، وكانت هناك عملية نقد للذات في هذا الكتاب، نقد للجوانب السلبية في هذه التجربة وكيفية تجاوزها، والكتاب بحاجة الى مزيد قراءة واستخلاص للتجربة التي يقدمها الراحل عبدالفتاح اسماعيل.. حول القضية الاجتماعية والوطنية لليمن شماله وجنوبه.. فهي فيها شمولية لليمن وقراءة للتجربة في الجنوب وفي الشمال في فترة ما قبل ثورتي 26 سبتمبر 62 م و14 اكتوبر 63 م، من النواحي الاجتماعية والوطنية والاوضاع السياسية.. وبدايات ما بعد الثورة الى منتصف السبعينيات..