منطق البغال
الأربعاء 04 سبتمبر ,2024 الساعة: 03:50 مساءً

أشاهد التسجيلات المخجلة التي تنشرها الجماعة الحوثية كاعترافات لأستاذ علوم التربية المخلافي وتخطر في بالي مقولة "الحافر على الحافر" كتعبير عن منطق البغال. 

نحن أمام ظاهرة متكررة أو ما يعبر عنها بالمعنى النفسي بـ ديجا ڤو.  تلك المواقف التي ما أن تتعرض لها يداهمك إحساس أنها قد وقعت من قبل ولا تدري هل وقعت بالفعل أم أنها كانت في خيالك أو في أحلامك. 

لكننا مع الجماعة الحوثية ومنطق البغال فإننا أمام أحداث قد وقعت بالفعل ولكن ويا للسخرية كيف واين. 

في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي انتفشت ظاهرة الاسلاموية وتضخم المطاوعة والسلفيون والوهابيون فملؤا الفضاء العام بنرجسية طهورية. 

لاحق أحدهم الدكتور حمود العودي وقال فيه ما قال مشنعاً لأنه وصف الإنسان اليمني بوصف لا يخص إلا الذات الإلهية. 

مضت الأيام وانتهت جذوة المطوعة وانخفضت ذبالتها واخذ الشعلة الحوثيون بعد أن توقف خط الإنتاج للوهابية في المصنع. 

حينها كان اليسار والليبراليون والإسلاميون من الصف المناهض يرون ويصورون أن الوهابية أم الشرور. لقد جلبت الخمار والسواد لقد سممت العقول والذائقة، لقد قضت على التنوع وحرية الأفراد، جماعة لا تفقه إلا بحدود الطهارة والحدود من علوم الدين، تيار ضد الفلسفة والعقل، وغيرها من الأقاويل التي عرفنا لعقود.   

الطريف أنهم، أي الحوثيين، الآن لا يفعلون ما كانت تفعل فحسب. بل أنهم زادوا عليها كثيرا بما يملكون اليوم من سلطة ووسائل إعلامية وأجهزة قمعية ودعاية وترهيب. 

حسب علمي لم يظهر أحدهم على شاشة التلفزة حينها يدلي باعترافات أنه جاسوس لدولة ما تستهدف مناهج التعليم من خلال القول بسقوط المطر.

في كل الأحوال الجماعات المتشددة تستهدف أولا العملية التعليمية وتحارب الاكاديميين المختلفين معها أو من لديهم نفحة تنوير ومسؤولية اجتماعية وأخلاقية. (لا اقصد بالتنوير هذا الهياط الساذج الذي بلا أسس ولا عقل ولا رصانة وصلابة معرفية ) 

الحوثية وهابية العصر. ومن العجيب أن تدعي انك الضحية وتحذو حذو الجلاد وأكثر.
 
طبعا بالفحص والإطلاع يكتشف الفرد أن جذور التشدد والتزمت الديني في اليمن سابقة على الوهابية بعشرات القرون وجذورها زيدية هادوية والحوثي هو الممثل الأفضل لحقيقتها بعد ان تجملت لفترة بالرصانة والاعتدال. 

كان المطاوعة يريدون مدرسة على مقاس عقولهم ويؤسلمون العلوم ويتوسعون في تعليم الدين. لكن الحوثية لا تريد المدرسة. الحوثية تريد الجهل فهو بيئتها الخصبة لتمرير فكر سام وعنصري وخارج عن أبسط فطرة سليمة. 

لن تنتهي الحلقة هنا. مع الوقت سنعود إلى العام  1918 حيث ادعاء الاستقلال الوطني مع تكريس الشعوذة والقطرنة وتقديس الرذيلة والاستزلام.  سيكون الفقر والجوع سمة اليمني الجيد وسيكون غير المتعلم هو الأصيل. اما معايير تقييم الناس فستكون بقدر خدمتهم لمشروع الحوثية وتبجيل رموزها. 

فيديو الاعترافات يقول إن الحوثية خطر على كل شيء بما في ذلك البلاغة واللغة وملكة التعبير.

نقلا عن صحفة الكاتب على منصة إكس 


Create Account



Log In Your Account