تعز... مرة أخرى
السبت 07 سبتمبر ,2024 الساعة: 02:58 مساءً

مرة أخرى تدهشنا تعز بقدرتها على بعث الإيمان فينا بأن البلد بخير ويستطيع تلمس طريقه إلى النصر والحياة، طالما وُجد فيه من يعي مسؤولية اللحظة، رغم الغموض الذي يلف المشهد، والمخاوف التي لا تهدأ حيال المستقبل القريب. 

كيف لا وتعز اختارت دوما أن تحمل على أكتافها كل التحديات التي عاشها ويعيشها البلد، وتتقدم بشجاعة منقطعة النظير كل المعارك الوطنية، وتقدم التضحيات، وتعود بالقليل من المكاسب والكثير من النكران.

النكران الذي كان دوما يفضل تعز كضحية سهلة لا تصيح ولا تشتكي، ولا تقبل أن ترهن مواقفها المبدئية مقابل الحصول على منافع آنية، منقضية وزائلة.

احتفت تعز بفخامة الرئيس وضيوفه كما كان متوقعا منها، وفي التفاصيل استعرضت بشكل باعث على الفخر حالة التعافي التي وصلت إليها.

فقد شاهدنا أجهزة الدولة وأفرادها الأبطال وهم يتفانون في تأمين ضيوفهم وتقديم صورة مشرقة عن مدينة يعرف الجميع أن أي تقصير منها كان ليكون مبرر تماما قياسا إلى الظروف الصعبة التي تعيشها جراء الحصار والحرب. 

وعلى الصعيد الشخصي كانت لحظة خاصة جدا أن أعود إلى المدينة بعد ست سنوات من مغادرتي لمنصب المحافظ، لأرى كيف أثمرت جهودنا الأولى في استعادة هياكل المؤسسات وتأسيس مداميك الدولة، وتطبيع الحياة. 

وقد أسعدتني كثيرا الحالة التي رأيتُ فيها تعز، والتي ما كانت لتصل إليها لولا تكامل جهود الجميع، واستشعارهم للمسؤولية الوطنية والتاريخية الملقاة على عاتقهم في هذه الظروف، وهنا أعني كل القوى السياسية وكافة القادة الذين تعاقبوا على مواقع المسؤولية خلال هذه السنوات.

المحافظة اليوم  بحاجة للكثير من العمل لتحقيق أولوياتها وفي الصدارة منها استعادة ما بقي من أراضيها في يد المليشيات، وتحسين الخدمات، وتعزيز مبدأ الشفافية ومحاربة الفساد.

لكني أقول بصدق وفخر أن تعز تخطت مرحلة صعبة جدا بجهد حاسم من أبنائها في ظل تجاهل رسمي لاحتياجاتها الضرورية. 

أعتقد أن الوقت قد حان لإنصاف هذه المحافظة التي قدمت الكثير للبلد، والبداية لن تكون إلا بعمل شامل، وصادق تتوحد وتتناغم فيه جهود كافة مؤسسات الدولة على أولوية التحرير والأمن وانهاء الحصار وتلبية المتطلبات الاساسية لحياة المواطنين . 

إن تحقيق هذا الهدف والشروع الفوري في تنفيذ البرنامج التنموي الذي أطلقه فخامة الرئيس خلال الزيارة، هما السبيل الوحيد لمنح الناس شعورا بأن الدولة تتفهم صبرهم وتقدر كفاحهم المر دفاعا عنها، وتسعى لخدمتهم وفق ما هو متاح لها من قدرات وإمكانات.


نقلا عن صحفة الكاتب على فيس بوك


Create Account



Log In Your Account