غياب العدالة .. يولد الجريمة

السبت 23 نوفمبر ,2024 الساعة: 01:02 مساءً

اخبار وتقارير وقصص مفزعة عن جرائم قتل بشعة، تنتشر كإنتشار النار في الهشيم، وانا هنا اتحدث عن جرائم بدأت تطفو بقوة، اب يقتل ابناءه او بناته، اخ يقتل اخيه او اخته، ابن يقتل امه وابيه واخيه واخته، ابن عم يقتل ثلاثة من ابناء عمه، جرائم انتشرت خلال الفترة الماضية، يبرز تساؤل مخيف لماذا؟

لتأتي الاجابة بشكل قاطع لسببين رئيسيين

السبب الاول غياب العدالة، حيث اصبح القضاء مجالاً خصباً لتضييع الحقوق وارهاق المتخاصمين، وربما يكون الحكم لصالح الطرف الذي لديه علاقات قوية ولديه المال والوجاهة للتأثير على الاحكام الصادرة ، مما يولد شعور بالإحباط واليأس لدى الطرف الأضعف فيلجأ لاستخدام السلام وانهاء حياة خصمه ، ومن المعلوم ان الشرائع والاحكام انما وضعت للحد من الجريمة ، وإرساء السلام والامن الاجتماعي في أي بلد ، واذا اختل ميزان العدل اختل واقع الامن الى خوف ، ففي دهاليز القضاء تضيع الحقوق نتيجة لضعف الكيان القضائي وحالة الامن الهشة التي لا تضمن للقاضي العادل ممارسة مهمته على اكمل وجه ، وحتى قطاع المحامين فإنه يتعرض للتهديد اما بالسجن في بعض القضايا او للتصفية الجسدية في قضايا أخرى ، لم تعد هناك حصانة للقاضي حسب ما نرى من احداث ، قاضي يتعرض للتهديد وقاضي يتم التعرض له في الطريق ، وقاضي يحتجز من ذوي النفوذ ، وقاضي آخر يتم اختطافه وقتله بعد ذلك كما حدث للقاضي محمد حمران في صنعاء .

السبب الثاني ظروف الحرب انتجت اشخاص معقدين نفسياً ممن حولهم وبسبب خلافات على ميراث او حقوق ومع وجود السلاح يكون اللجوء للقتل هو الاسرع في ظل ضعف الوازع الديني، وفي وشعور البعض بأنهم لن يحاسبوا على مثل هذه الجرائم ، او من منطلق علي وعلى اعدائي ، كما ان عامل الضعف الاقتصادي لدى الطرف الأضعف له دور ، حيث اصبح التقاضي يحتاج الى ثروة لانتزاع الحقوق ، واذا فقد لديك المال فمعناه انك لن تحصل على العدالة ولن يعود حقك المسلوب ، وهنا تظهر وتتعاظم عوامل اليأس والإحباط الذي يؤدي الى تغلغل فكرة اخذ الحق بالقوة او قتل الخصم للتخلص منه وليكن ما يكون ، فالمهم عند اليائس والمحبط ان لا يرى خصمه وقد سلبه حقوقه وهو لا حول ولا قوة له في رد او اخذ هذه الحقوق .

ولذلك فإن غياب العدالة يولد الجريمة بشكل أساسي ، وهذا الغياب له وجوه متعددة ، منها ما يخص أوضاع القضاة من حيث الحقوق المادية التي يحصلون عليها ، والتي ربما لا تؤمن لهم احتياجاتهم ، وايضاً حمايتهم من أي انتهاكات او تهديدات قد يتعرضون لها من بعض ذوي النفوذ الذين ينتهكون القانون او يسلبون حقوق الناس ... وللحديث بقية ان سمحت الظروف لذلك ، فهذا الموضوع شائك ويحتاج الى دراسة وتحليل وقراءة لملفات هذه الجرائم .