الأربعاء 27 نوفمبر ,2024 الساعة: 08:10 مساءً
متابعات
دعت منظمة سام للحقوق والحريات، الحكومة اليمنية إلى ضرورة اتخاذ خطوات حازمة لملاحقة ومعاقبة المتورطين في عمليات التجنيد القسري، واقحام الشباب اليمني في "الحرب الروسية - الأوكرانية".
وقالت المنظمة، في بيان أصدرته اليوم الاربعاء، إن إقحام الشباب اليمني في الحرب الروسية-الأوكرانية من خلال شبكات تجنيد قسرية يمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، ويرقى إلى مستوى الاتجار بالبشر.
وأشارت إلى وجود شبكة معقدة من التجنيد القسري، تقوم مجموعات محلية بالتعاون مع وسطاء دوليين لتجنيد شباب يمني تحت وعود كاذبة بوظائف وأجور مغرية، تصل في بعض الأحيان إلى 10,000 دولار أمريكي، مضيفةً أنه ومع غياب الرقابة وضعف الوعي القانوني، يصبح الشباب اليمني فريسة سهلة للاستغلال في النزاعات العسكرية.
وذكرت المنظمة أن المجندين فور وصولهم إلى روسيا، يتعرضون لانتهاكات جسيمة، ويُجبرون على القتال في ظروف قاسية وغير إنسانية، ويُحرَمون من الطعام والرعاية الطبية، كما أنهم يتعرضون للإصابات والوفاة بسبب القصف العشوائي في جبهات القتال.
ولفتت إلى أن الظروف الاقتصادية المزرية في اليمن، بما في ذلك البطالة والفقر المنتشر، تجعل من الشباب هدفًا سهلًا للاستغلال، إضافة إلى أن غياب الوعي بالقوانين الدولية والمحلية يزيد من تعرضهم للاستغلال من قبل الشبكات القسرية.
وأضافت أن إلى جانب التجنيد، يسعى العديد من اليمنيين إلى الهجرة نحو أوروبا، هربًا من الظروف الكارثية، إلا أن غياب الدولة وضعف آليات الحماية يجعلهم عرضة لشبكات الاتجار بالبشر التي تستغل حاجتهم الماسة للعمل.
تابعت "سام" قضية التجنيد غير القانوني للشباب اليمنيين في روسيا، وتمكنت من جمع شهادات مباشرة من مجندين سابقين، بالإضافة إلى تقارير من مصادر أمنية، وتبين أن هذه العمليات التي تجري تحت غطاء الوعود بمكافآت مالية كبيرة.
ولفتت سام إلى أن شبكة التجنيد القسري لا تقتصر على الوكلاء المحليين بل تشمل أيضًا أفرادًا مرتبطين بجماعات سياسية داخل اليمن، مثل عبد الولي الجابري، الذي يعد من الأسماء البارزة في هذه الشبكات، حيث يتم استدراج المجندين عبر وعود بالهجرة والعمل.
وأوضحت أنه يتم نقلهم عبر قنوات غير قانونية إلى روسيا، ويُحتجزون في معسكرات تدريب عسكرية قسرية، مضيفةً أن هذه العمليات غالبًا ما تتم دون علم المجندين الكامل بالعواقب القانونية أو الإنسانية المترتبة على توقيعهم على عقود غير مترجمة.
وأشارت سام إلى وجود شخص يعتقد انه يحملون الجنسية الروسية، ينشط في تسهيل استخراج الفيزا من القنصلية الروسية في سلطنة عمان، ومقرب من مكتب الجابري، وربما يكون علي علاقة بجماعة أخرى تستقبل المجندين في الاراضي الروسية.
واعتبر البيان أن هذه المعطيات لا يمكن فصلها عن المشهد السياسي الإقليمي، إذ ألمحت تقارير مختلفة إلى تطور العلاقة بين جماعة الحوثيين وموسكو، ويُعتقد أن هناك تنسيقًا غير مباشر في عمليات استقطاب اليمنيين للقتال في مناطق النزاع.
وذكرت سام أنها اطلعت على تقرير أمني سري صادر عن جهة تابعة للحكومة الشرعية، كشف النقاب عن شبكة معقدة يقودها عبدالولي الجابري، عضو مجلس النواب التابع لجماعة (الحوثيين) في صنعاء، وهو قائد عسكري برتبة لواء. ويؤكد التقرير أن الجابري أسس شركة في العاصمة العمانية مسقط، وُصفت بأنها واجهة لتنظيم عمليات نقل مجندين يمنيين إلى روسيا بغرض الانضمام إلى الجيش الروسي.
ويورد التقرير أن الجابري زار روسيا في مايو 2024 برفقة مساعده محمد قاسم العلياني، وعقد اجتماعات مع شخصيات روسية لوضع التفاصيل اللوجستية والمالية لنقل المجندين، ويبدو أن هذه الاجتماعات أثمرت عن تسهيل دخول دفعة أولى مكونة من 120 مجندًا يمنيًا إلى روسيا. إلى جانب ذلك، تسلم مكتب الجابري عددًا كبيرًا من جوازات السفر اليمنية لتقديمها إلى القنصلية الروسية بهدف تسريع إجراءات السفر.
ويشير التقرير أيضًا إلى شخصية غامضة تدعى "ديمتري"، روسي الجنسية، يعمل كممثل للجانب الروسي مع مكتب الجابري، حيث كان دوره محوريًا في تسهيل العمليات بين الأطراف، ما يشير إلى مستوى عالٍ من التنسيق بين الجانبين.
وأوضح عدد من المجندين، الآلية التي تستخدمها شبكة التجنيد، من خلال إصدار التأشيرات يتم من قبل السفارة الروسية في سلطنة عمان. بعد ذلك، يُطلب من المجندين من مختلف المحافظات السفر إلى مدينة الغيضة، عاصمة المهرة، ويتم تجميع أصحاب التأشيرات.
وأبرز البيان أن عملية نقل المجندين تبدأ بعد عبور باصات النقل منفذ صرفيت الحدودي بين سلطنة عمان واليمن، لتصل إلى محطة محورية تُدار بدقة تنظيميّة.
وفقًا لشهادات مجندين حصلت عليها منظمة "سام"، يتم تسهيل دخول هؤلاء الأشخاص الحاصلين على تأشيرات سياحية روسية صادرة من القنصلية الروسية بمدينة الغيضة اليمنية. بمجرد وصولهم إلى العاصمة العمانية مسقط، تنقلهم شركة الجابري للنقل والسفريات إلى شقق مفروشة مُجهزة خصيصًا لهذا الغرض في منطقتي الخوير والغبرة بمسقط.
في الخطوة التالية، يتم تنظيم سفرهم إلى موسكو عبر مطار دبي الدولي من قبل شخص يُدعى محمد قاسم العلياني، وهو يمني الجنسية. الهدف من هذه الرحلة ينقسم إلى مسارين: المسار الأول يتضمن الانضمام إلى القوات الروسية للقتال في أوكرانيا، بينما يُستخدم المسار الثاني لتهريب بعض الأفراد إلى دول أوروبا، وفقا للمنظمة.
وأكد البيان الصادر عن سام على أن استغلال الشباب اليمني في الحرب الروسية-الأوكرانية ليس مجرد انتهاك لحقوق الإنسان، بل هو أيضًا جزء من أزمة أوسع تتداخل فيها المصالح الدولية والإقليمية مع المأساة الإنسانية، منوهاً بضرورة اتخاذ إجراءات قانونية عاجلة لحماية المجندين العائدين وتفادي تكرار مثل هذه الانتهاكات.
ودعت منظمة سام للحقوق والحريات الحكومة اليمنية إلى ضرورة اتخاذ خطوات حازمة لملاحقة ومعاقبة المتورطين في عمليات التجنيد القسري، من خلال تشديد القوانين الوطنية لحماية الشباب من الاستغلال، وتعزيز الوعي المجتمعي حول مخاطر التجنيد القسري وتوفير الدعم اللازم للمجندين العائدين.
وطالبت المنظمة المجتمع الدولي بضرورة تكثيف الرقابة على المنافذ التي يتم من خلالها تجنيد اليمنيين، مثل سلطنة عمان وروسيا، وفتح تحقيقات دولية حول هذه الانتهاكات، والضغط على الأمم المتحدة والمجالس الحقوقية المختصة للتحقيق في الانتهاكات المتعلقة بتجنيد المرتزقة، كما دعت الأطراف الدولية إلى تعزيز آليات الحماية وتوفير الدعم الإنساني لليمنيين، بما يخفف من استغلال أوضاعهم الاقتصادية في أجندات سياسية وعسكرية.