انقسامات حادة داخل مليشيا الحوثي: صراع قيادي وتباين حول مسار الجماعة في مواجهة التحديات
الأحد 22 ديسمبر ,2024 الساعة: 08:29 مساءً
الحرف28 -متابعة خاصة

كشفت مصادر محلية مطلعة في العاصمة صنعاء عن حدوث انقسامات كبيرة داخل مليشيا الحوثي خلال الأشهر الماضية، حيث تصاعدت المطالب بإجراء تغييرات حقيقية في هيكل القيادة، والتجاوب مع الدعوات المستمرة للسلام والتصالح مع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية. 

وحسب المصادر، يعتقد البعض من داخل الجماعة أن الاستجابة لدعوات السلام، هو السبيل الوحيد لتجنب مصير مشابه لما تعرض له حزب الله اللبناني أو نظام بشار الأسد في سوريا. 

وذكرت المصادر، أن هذه الانقسامات في أوساط القيادات الحوثية تعود إلى العديد من العوامل الداخلية والخارجية. ففي إطار الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضها قادة الجماعة على أنفسهم، توقف العديد منهم عن استخدام أجهزة الاتصالات والإلكترونيات خوفًا من أن تُستخدم ضدهم في عمليات التجسس أو الاغتيال، على غرار ما حدث مع عناصر حزب الله اللبناني في سبتمبر الماضي. 

كما لجأت غالبية القيادات الحوثية إلى النزوح من منازلها إلى منازل مستأجرة، متبعة وسائل معقدة للتخفي. وقد تسببت هذه الإجراءات في انقطاع التواصل بين مختلف القيادات، مما أدى إلى اتخاذ قرارات بدون التنسيق الكافي بين الأجنحة، بحسب ما نقلت صحيفة الشرق الاوسط عن المصادر. 

هذه الإجراءات الاحترازية، بحسب المصادر، نتج عنها غياب التنسيق بين القيادات الحوثية حول العديد من الملفات المهمة. كما تسببت هذه الأزمة في حالة من الارتباك داخل الجماعة، حيث لم تعد القيادات قادرة على التنسيق الفعال في التعامل مع التطورات الداخلية والخارجية. 

من جهة أخرى، أرجعت المصادر هذه الانقسامات إلى خلافات استراتيجية كبيرة حول كيفية التعامل مع التطورات الإقليمية والدولية. فقد اتخذت بعض القيادات موقفًا يرى ضرورة تقديم تنازلات للأطراف المحلية والإقليمية والدولية، من أجل تجنب عواقب وخيمة على الجماعة، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية في المنطقة. 

في المقابل، يصر الجناح الآخر على ضرورة استمرار التصعيد العسكري وعدم الرضوخ لأي ضغوط سواء كانت عسكرية أو سياسية، ويؤكد هذا الجناح أن المواجهة مع الغرب وإسرائيل تعزز من شرعية الجماعة على المستوى الشعبي، وأن هذا المسار هو الذي يضمن بقاءها قويّة على الساحة. 

وتضيف المصادر أن الانقسامات الحوثية تفاقمت بسبب الخسائر الكبيرة التي تكبدتها المليشيا في المعارك، وتدمير معداتها العسكرية المتطورة، من ضمنها مواقع الصواريخ والطائرات المسيّرة، جراء الضربات الأمريكية والبريطانية. 

فضلاً عن ذلك، فإن الضربات الجوية الإسرائيلية استهدفت المنشآت الاقتصادية الحوثية في قطاع الطاقة، ما أسفر عن خسائر اقتصادية فادحة. 

هذه الخسائر جعلت الشخصيات التي تطالب بتقديم تنازلات ترى أن المواجهة مع الغرب لم تعد ذات جدوى، بل أصبحت تشكل عبئًا إضافيًا على الجماعة. 

وتتزايد المخاوف بين قيادات الجماعة من أن استمرار المواجهة مع إسرائيل والغرب قد يقودهم إلى مصير مشابه لما لاقاه حزب الله أو نظام الأسد، خاصة وأن الضغوط الخارجية والضربات العسكرية أصبحت تؤثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي والمعيشي للسكان في مناطق سيطرة المليشيا. 

وقد أشار أحد القيادات إلى أن الضغوط الغربية والإسرائيلية، إضافة إلى العقوبات المفروضة على عدد من الشخصيات الحوثية، قد أسفرت عن أزمات معيشية ملموسة، مثل نقص الوقود والسلع الغذائية، وهو ما أثر بشكل كبير على الوضع اليومي للناس. 

في مقابل هذه الدعوات لتقديم التنازلات، هناك جناح آخر داخل مليشيا الحوثي يصر على ضرورة مواصلة التصعيد ضد الغرب وإسرائيل، معتبرًا أن هذه المواجهة هي أساس قوتهم وتماسكهم الشعبي. 

ويرى هذا الجناح، الذي يُعرف بالجناح العقائدي، أن الخسائر المادية في المعدات يمكن تعويضها بموارد محلية ودعم خارجي، وأن الضغوط العسكرية لن تؤدي إلى هزيمتهم ما داموا يسيطرون على الأرض. 

وفي ظل هذا التباين الحاد داخل صفوف المليشيا الحوثية، تطالب بعض الشخصيات داخل الجماعة بالإطاحة برئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، وتعيين القيادي المقرب من زعيم الجماعة قاسم الحمران بدلاً عنه، وذلك في محاولة لإعادة تماسك الهيئات القيادية التي ضعفت بسبب الصراعات الداخلية. 

وكانت الجماعة قد شكلت في أغسطس الماضي حكومة جديدة تحت اسم "حكومة التغيير والبناء"، والتي يقال إن غالبية أعضائها يمارسون مهامًا شكلية فيما يقودها فعليًا القادة العقائديون.



Create Account



Log In Your Account