الثلاثاء 24 ديسمبر ,2024 الساعة: 10:15 صباحاً
هناك أسباب عديدة يمكن سوقها لتفسير أداء الجماعة الحوثية هذه الفترة رغم إدراكها لتبعات أفعالها وفارق القدرات.
هناك دوافع ذاتية وفق حسابات حوثية محلية أو بالكثير حوثية سعودية وهناك ما هو خارج عن إرادة الجماعة لطالما وضعت نفسها وظيفيا في خدمة المحور الإيراني.
وربما سأنطلق من هذه النقطة الأخيرة قبل الذهاب في تفصيل المنطلقات الذاتية للجماعة الحوثية في منشور لاحق.
العراق واليمن هما آخر أذرع إيران ودرعها الخارجي لاتقاء الضربات أو الدخول في حرب مباشرة سواء مع امريكا أو إسرائيل أو كليهما.
امتنع العراق ظاهراً. أما لأن المعادلة السياسية في الوقت الراهن الناتجة من عدم الوصول إلى تواصل حول السياسة الخارجية أو لأن الثمن الداخلي أكبر من أن تحتمله ميليشيات إيران أو أجنحتها السياسية في العراق. لذا أبدى العراق حصافة لمحاولة تجنيب نفسه الخراب مع أنه متصل مباشرة بسوريا وهو حلقة الوصل بين إيران واذرعها نحو المتوسط.
جغرافيا ولوجستيا العراق في درجة أعلى من درجات التبعية والأهمية بالنسبة للتصور الإمبراطوري الإيراني في المنطقة.
وقد لا يكون امتناع العراق عن الزج بنفسه أكثر من تأجيل مقابل اعتماد إشراك ميدان أبعد.
هذا الميدان الأبعد المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وبما أن الجماعة الحوثية هي جماعة بلا مسوؤلية وطنية فإنها ستؤدي دورها الوظيفي في حماية إيران.
اللبوس الأخلاقية التي تلتحف بها الجماعة قابلة للنقاش وهي من صميم الفعل السياسي في المقام الأول.
في الحقيقة، تحتاج إيران من يشتت أنظار العالم في هذه المرحلة نحو زاوية أخرى بعيدة منها لتعجّل من استكمال بناء مشروعها النووي وصولا إلى تحقيق الردع النووي قبل فوات الأوان.
خبراء المنشآت النووية يعرفون أن الوصول إلى قدرات نووية عسكرية يسير وفق متوالية هندسية وليس عدديّة. أي أن ثمة نقطة يصبح الانطلاق بعدها إلى امتلاك سلاح نووي أقصر بكثير من كل المراحل السابقة وربما إيران وصلت إلى هذه النقطة. وهي الآن ارج ما يكون لسلاح نوري لا أحد نفوذ إمبراطوري انما لحاجة وجودية أولا وقبل أي شي.
ولكن لماذا اليمن أولا وليس العراق؟
لان ذراع إيران في اليمن أقل مبالاة من الجماعات الأخرى وغير معن ببناء توافقات محلية طالما والجماعة الحوثية تتسيد نطاق جغرافيه جعلته مسطحا سياسيا وأيديولوجيا ولديها استعداد أن ترهن كامل الكتلة السكانية التي تحكمها من أجل الفوز برهان أيديولوجي.
لكن وعلى نحو عملي إذا كان الرد القادم يقتصر على ضربات عسكرية أمريكية أو إسرائيلية فهي بمثابة تغدية غير مقصود للجماعة برصيد وشعبية خارجية بالطبع وداخلية دون شك. فضلا عن ذلك يركن الحوثيون إلى حقائق ميدانية منها محدودية إمكانية شن حملة عسكرية إسرائيلية أو أمريكية مماثلة لما حصل لحزب الله.
ثم أن مساحة ما يسيطر عليه الحوثيون يزيد بمقدار عشرات أضعاف مساحة لبنان. فضلا عن أن الجماعة الحوثية لم تكن موضوع رصد دقيق لإسرائيل كما كان حزب الله منذ 2006.
أي أن الجماعة تعتقد أن الوقت والمكان في صالحها.
لكن لتمض الجماعة في هذا الخيار عليها أن تحسم موقفها داخل صفوفها ولهذا ينبغي أن يتصدر المشهد عناصر أكثر ولاءً للمحور الإيراني وقد يفجر هذا صراعات داخلية شاع خبرها مؤخرا . وهذه الصراعات ليست بمكان أن تشق صف الجماعة. بل هي صراعات أجنحة تحت السيطرة في ظل وجود آلية تراتبية ضمنت تماسك الجماعة منذ فترة طويلة.
وإلى حلقة تالية تتناول فيها الأسباب الذاتية.
نقلا عن صحفة الكاتب على منصة إكس