لماذا تفوت الشرعية فرصة  تهاوي محور إيران ؟
الخميس 30 يناير ,2025 الساعة: 09:50 صباحاً

ربما نحن بأمس الحاجة إلى توجيه الأنظار نحو سلوك الشرعية، لا لتوجيه مزيد من النقد ولكن لمحاولة فهم لماذا السلطة الشرعية تظهر بهذه الصورة المثيرة للشفقة والتي تسقط القضية اليمنية والدولة اليمنية برمتها من أعين المجتمع الدولي وتدفعهم إلى القبول بالمقترحات المعروضة من جانب كل المؤثرين الإقليميين سوء في هذا المشهد اليمني.

ما نراه اليوم من سلوك الشرعية وداعميها، هو أنهم يعملون بكل ما أوتوا من قوة لتضييع الفرصة التاريخية التي أتاحتها أحداث المنطقة وتهاوي محور إيران، وإشغال الوعي عوضاً عن ذلك بقضايا فرعية. والهدف في تقديري هو نفس الهدف، لا يجب أن تمضي الأمور باتجاه استعادة الدولة اليمنية ونفوذها والإيفاء باستحقاقاتها، لأن الفرصة التاريخية بالنسبة لداعمي الشرعية هي بقاء الدولة اليمنية في حالة ضعف وهشاشة، بما لا يسمح بإعادة الاعتبار لتاريخ بلدنا ولهذه الدولة التي تمثل واحدة من أقدم الدول في شبه الجزيرة العربية.

من الواضح أن الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، هذا المجلس الذي جرى فرضه بقوة الإملاءات الخارجية، تتوفر في شخصه مؤهلات عديدة لتجعله رئيساً جديراً بالتقدير، لكن بقاءه في الرياض طيلة هذه المدة يثير الكثير من الحزن والإحباط لدى اليمنيين، ويراكم الانطباعات السلبية عن الشقيقة السعودية التي تصر على أن تمضي الأمور في هذا المسار وأن تحدد مصير بلدنا وحدها أو بتأثير الابتزاز الأمريكي والتدخل الإيراني العنيف.

الانعزال القسري لرئيس مجلس القيادة ومعه أعضاء مجلس القيادة المحسوبين على المشروع الوطني، إمعانٌ في إذلال الدولة اليمنية ورموزها، فلم يعد محتملاً أن نرى السلطة الشرعية وهي تنحدر من رئيس منتخب إلى مجلس رئاسي معين من قوى خارجية ويظهر بهذه الصورة المزرية؛ مجلساً ممزقاً ومعظم قياداته يتبجحون بارتهانهم وضعفهم وقلة حيلتهم، بما يسمح بالقول إنهم يصيغون درساً مخزياً في التاريخ سيقرأه ويبصق عليه هذا الجيل والأجيال اللاحقة.

التأثير الذي تمارسه القوى الإقليمية، تحول إلى نوع من الاحتلال السياسي لموقع القرار السلطوي اليمنين، ومصادرة هذا القرار والإصرار على التعامل مع القيادات في هرم الشرعية كمعتقلين يعيشون في بيئة معيشية مريحة، في وقت تمضي فيه عملية هندسة السلطة الشرعية قدماً لتبرهن نتائجُها على أن المؤثر الإقليمي يستهدف بكل وضوح إنهاء تأثير القيادات الوطنية، واستبدالها بقيادات يعاد استجلابها من نفايات المرحلة الماضية.

هذا لعمري يعكس أيضاً إصراراً من قبل المتنفذ الإقليمي ومن يتخادم معه من الشخصيات والقوى المحلية، على معاقبة حالة الوعي التي أظهرها الشعب اليمني عام 2011، عندما كان يعبر بطريقة سلمية وديمقراطية عن حقه في التغيير وإنهاء عقود من الفساد والارتهان للخارج، ويحاول إعادة تأسيس دولة مواطنة لا تغول فيها لأيديولوجيا ولا هيمنة لجهة أو فئة.

يؤسفني القول إن أسوأ مظاهر فشل الشرعية هي عجزها التام عن إدارة وتوظيف إمكانياتها الاستثنائية، وأولها الصلاحيات الدستورية، والحاضنة الشعبية، والطيف العريض من الكوادر والمناضلين في كل المجالات، والتورط المخزي في استهداف هذه الإمكانيات بتأثير الأولويات والإيعازات الخبيثة للداعم الإقليمي.

الطيف المساند للشرعية والذي توزع في أماكن النزوح يتعرض لحالة من الاستقطاب وتغذية الخلافات والإقصاء، بمستويات لا يصدقها عقل، جزء مهم من النخب النازحة في الخارج تنظر إليهم قيادات الشرعية المفروضة من الداعم الإقليمي، بنية سيئة وتتعامل معهم كقضية أمنية، وتصنفهم ضمن الفئات التي لا يأنس إليها ولا يقبل لها الداعم الإقليمي بأي دور.

كما أن الصراع الخفي والمعلن بين الرياض وأبوظبي، يساهم اليوم في إنتاج نخبة منقسمة ومتصارعة ومتهافتة تدور اهتماماتها حول المكاسب الشخصية وتحركها النزعات الأيديولوجية والانطباعات والإملاءات، ناهيك عن حالة التمايز الواضحة التي فرضها المشروع الانفصالي، والتي تظهر معها القيادات العليا والحكومية في السلطة الشرعية المؤيدة للانفصال، ومن يدور حولها؛ في حالة مواجهة حادة مع بقية المكونات الوطنية في الشرعية. وما التصريحات التي صدرت مؤخراً عن عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُّبيدي وهاجم فيها التجمع اليمني للإصلاح واتهمه بالإرهاب؛ إلا أحد الأمثلة على التضعضع والانفلات وفقدان البوصلة والارتهان المهين للأجندات الخارجية.

نقلا عن صحفة الكاتب على منصة إكس 


Create Account



Log In Your Account