يَعْطيكْ دُودة.. الدُودةُ التونسيّة والدودةُ العدنيّة...(دُوْده مِنْ عُوده)
السبت 08 مارس ,2025 الساعة: 09:19 مساءً

كم قِيلَ لي أحيانًا مِن الأصدقاءِ التوانسة والصديقات (يعطيك دودة) في سياق إيجابي من شكر وإعجاب ونحوهما، وهو من الأمثال التونسيّة المشهورة عندهم، ساعة سماعها أوّل مرّة حزّت في نفسي، فكيف يتمنى لي الأصدقاء الأعزاء هذه الأمنية الغبيّة؟ وليس أهل تونس بالبخلاء في الدعاء ولا حتى الأماني؛ وليسوا بالمستفزّين الُّلكع،  بل يبالغون في إجلال ضيوفهم،

 تذّكّرتُ هذا عندما أثيرت في المواقع اليمنية مؤخرًا صرخة النجم الذي أعلن في تمثيله الهادف أن في/به دوده، مجتهدا في تصوير جشع الصيادلة وتجار الدواء ورغم أني لم أشاهد له بعيني ذي بتأكلها الدود من برنامجه، وقصفه العشوائي  سوى هذا المقطع المثير، أو كما يُقال في تونس " شفتو بعيني الي باش يأكلها الدود، ورأيت أن النقد كان سلبيًا، ولسان حال المنتقدين :" قُده قلبي منه/م دود وعقارب سود، ولاعتبارات سياسية لا موضوعية نال الفتى المتوثِّب ما ناله من التنمُّر، وارتد القصف عليه !  سنترك الدودة اليمنية أو بالأحرى العدنية، لأنه لا أحد في عدن يجرؤ بالقول أنّ فيه دودة أو يجهر، وإنما يستخدم أهل عدن لوصف المرض الشائع بأن (عنده/م ديدان ) بالجمع وليس بالمفرد كما استخدمها الفتى وحقق بها شهرة ونقدًا وإساءة، لأنها كانت مستفزة للجمهور،  وعذرًا للموتورين وحمارا للقذف، لدلالتها السلبية في السياق اليمني.

أما الدودة التونسية فهي: قطعة مجوهرات تقليدية ذات قيمة تاريخية وثقافية كبيرة في تونس، تتميز بتصميمها الفريد الذي يجمع بين الذهب والفضة و(الشيشخان)، وهو مادة تتكون من الألماس، عادة ما يكون الشيشخان على شكل أساور أو عقود أو حلي الجبين، ويتميز بتفاصيله المعقدة والنقوش، ويبدو أن العلاقة بين قطعة المجوهرات الثمينة في تونس والدودة الحقيقية هو بعض الشَّبَه في الشكل لا غير، وهذه مقاربتي لتفسير السبب في التسمية

 سأورد بعض الأمثال العربية المشتركة وفيها ذكر للدود، والمعاني الطريفة:

يُقال في تونس وليبيا:" دوده من عوده" وفي فلسطين مثل يطابقه في المعنى " دود القش منه وفيه، وفي سوريا دود الخل منو وفيه، ويرى الباحثون أن هذه الأمثال وهي متطابقة في معانيها قد قيلت في زمن الجوع والفقر المدقع، وأراد الناس أن ينتفعوا بالثمار أو السوائل التي فيها الدود والعفن، فاضطّروا إلى تنظيف الثمار من الدود أو من غيرها، وأكلها مع أنّ هذا الأمر مضرٌّ وربما خطِر ولا يصح أبدًا، إلا أنها كانت أساسًا لنظرية (الإلحاد) التوالد الذاتي، في القرن التاسع عشر، وهو ما أُثبت حاضرًا خطؤها، فلا شيء يولد من العدم، لكن لو طبقنا هذه النظرية على واقعنا السياسي والاجتماعي وخصوصًا ظاهرة الفساد والاستبداد فإننا سنجد أنّ المتسلّطين علينا هم منّا وفينا ولا يأتون من خارج ذواتنا المهزومة العامرة بالدود والعقارب السود.


Create Account



Log In Your Account