علي هامش مجلس المشاغبين
الجمعة 14 مارس ,2025 الساعة: 02:01 صباحاً

 

أحدهم قرر تقييم أداء المجلس الرئاسي اليمني، الذي يترأسه رشاد العليمي، هذا المجلس يذكرني بمشاحنات الجزارين في أسواق الدائري، حيث لا تتعلق الخلافات بجودة اللحوم، بل بصراعهم على الزبائن الذين يجدون أنفسهم وسط فوضى لا تنتهي.

لست منحازًا لأي طرف، فأنا منحاز للوطن وحده. لكن ما لا يمكن تجاهله هو أن هذا المجلس، الذي تشكل ببيان الرياض كحالة طارئة، أُوكلت إليه مهمة محددة: توقيع اتفاق سلام مع الحوثيين. كانت المهمة تبدو قريبة المنال، لولا أن تعقيدات إقليمية ودولية ومحلية دفعت بالملف إلى الظل، تاركة المجلس في حالة فراغ سياسي دفعه إلى شغل نفسه بمعارك داخلية، تارة بين أعضائه، وأخرى مع الحكومة، وثالثة مع شخصيات ومنظمات، وكأنه مصمم على إقناع الجميع بأن المشكلة ليست في الخارج، بل في الداخل المتشظي.

أما أحدث فصول العبث، فهو محاولة ما نشرته المواقع الإخبارية عن الرغبة في إقالة أحمد عوض بن مبارك عبر توقيعات وزراء، لست مع او ضد بن مبارك ، بكن ضد المشهد العابث وكأننا في استفتاء شعبي أو عريضة احتجاجية، او قل جلسة توقيعات لكتاب وليس قرارًا سياديً ، وليس في دولة يُفترض أن تحكمها قوانين ودساتير. لا يوجد في التاريخ السياسي اليمني أو حتى في بديهيات العمل المؤسسي ما يبرر هذه الخطوة، لكنها تكشف عن محاولة يائسة لإضفاء طابع فوضوي على النظام، وفتح باب للمناكفات المستقبلية سيجعل أي رئيس الوزراء في المستقبل رهينة لمزاج الوزراء أو كتلة منهم ، وأسيرًا للأهواء والتوازنات غير المستقرة.

المشهد ازداد غرابة عندما تناقلت بعض المصادر أن السفيرة البريطانية تدخلت لحل الخلاف بين الرئاسة ورئيس الوزراء، وكأننا أمام مجلس قبلي ينتظر حكَمًا من الخارج، او في مدرسة أطفال تتدخل فيها المعلمة للفصل بين المشاغبين! لا مؤسسة سياسية يُفترض أن تتخذ قراراتها وفق آليات واضحة. منذ أن تم فرض هذا المجلس خارجيًا، لم يكن سوى مصدر للارتباك، بين تصريحات منفلتة وقرارات مرتبكة، حتى تحول إلى كيان لا يمثل سوى نفسه، بلا رؤية ولا مشروع، مجرد وجود قائم بالضرورة وليس بالجدوى.

لا نعلم ما الذي تخبئه لنا الأيام مع هذا النموذج من الحكم، لكن ما نعلمه يقينًا هو أنه يرسخ لأسوأ تجربة سياسية عرفها اليمنيون. لا مشروع، لا هدف، لا محصلة يمكن أن يحفظها التاريخ سوى خيبات متراكمة. وربما، في المستقبل، يصبح “مجلس رشاد والثمانية” تعبيرًا دارجًا عن الفشل السياسي، حيث يُقال لمن يتخبط بلا نتائج: “لا تكن مثلهم، عدد بلا أثر.”


Create Account



Log In Your Account