الإثنين 07 أبريل ,2025 الساعة: 09:42 صباحاً
كشفت منصة "فرودويكي" المتخصصة في تتبع الفساد والتمويلات المشبوهة، عن تقرير استقصائي جديد يتهم منظمات ومراكز أبحاث محلية ودولية بالتورط في دعم مليشيا الحوثي عبر التلاعب بأموال المساعدات الإنسانية الموجهة لليمن، وتوظيف هذه الموارد في إعادة صياغة الخطاب السياسي والإعلامي بما يخدم الجماعة المسلحة.
التقرير الذي نُشر تحت عنوان: "شرعنة مليشيا الحوثي من خلال لوبيات السلام الزائف والأبحاث الموجهة"، أعدّه الدكتور عبدالقادر الخراز، رئيس حملة #لن_نصمت، وكشف عن تمويلات تجاوزت 32 مليار دولار وصلت إلى اليمن خلال العقد الماضي، بينها مئات الملايين وُجهت إلى منظمات ومراكز أبحاث تورطت في إعادة تقديم الحوثيين كسلطة أمر واقع، وتبرئة الجماعة من انتهاكاتها بحق المدنيين، مع تحميل الحكومة اليمنية والتحالف العربي مسؤولية تدهور الوضع الإنساني.
أموال المساعدات.. إلى الحوثيين بدلًا من المحتاجين
بحسب التقرير، فإن جزءًا من أموال المساعدات استخدم لإنتاج تقارير وتوصيات سياسية مغلوطة، رُوّج لها على نطاق واسع في الأوساط الدولية، بهدف تسويق مليشيا الحوثي كشريك في "السلام"، رغم تورطها في انتهاكات ممنهجة، من بينها التعذيب والاختطاف وتجنيد الأطفال. وأشار التقرير إلى حالة عبدالقادر المرتضى، أحد قيادات الجماعة، المدرج على قائمة العقوبات الأمريكية، والذي ظهر في مجلس حقوق الإنسان بجنيف عام 2020 كمفاوض سلام، وهو ما اعتبره التقرير تبييضًا سياسيًا مرفوضًا.
أربعة مسارات لدعم الحوثيين
حدد التقرير أربعة مسارات عملت من خلالها تلك الجهات على تعزيز سلطة الحوثيين: شرعنة انقلابهم، إعادة تقديم قياداتهم كفاعلين دوليين، التأثير على الخطاب الدولي لصالح الجماعة، وتوظيف تقارير أممية بشكل انتقائي لتخفيف الضغط الدولي. واتهم التقرير المبعوث الأممي هانز غروندبيرغ بلعب دور سلبي في تعطيل قرارات البنك المركزي في عدن، ما سمح باستمرار سيطرة الحوثيين على الإيرادات وتمويلهم للحرب.
منظمات وأسماء بارزة في دائرة الاتهام
عرض التقرير قائمة بمؤسسات وشخصيات اتهمها بتلقي تمويلات وتوجيهها لتعزيز الرواية الحوثية، من أبرزها:
• مؤسسة "إنسان" لأمير الدين جحاف
• منظمة "Arwa" لأحمد الشامي
• مؤسسة "DeepRoot" لرأفت الأكحلي
• برنامج "حكمة" لعبير المتوكل
• مؤسسة "مواطنة" لرضية المتوكل
• مركز صنعاء للدراسات
كما ذكر أن كل من "مواطنة" و"مركز صنعاء" تلقيا تمويلًا من رجل الأعمال اليهودي جورج سوروس. واتهم التقرير شخصيات حكومية سابقة مثل نادية السقاف وزيرة الإعلام السابقة، وخلدون باكحيل، استشاري مركز جنيف لحوكمة الأمن (DCAF)، بدعم الحوثيين إعلاميًا وسياسيًا.
التلاعب بالسردية واستبعاد الأصوات المستقلة
أوضح التقرير كيف ساهمت مراكز البحث والمنصات المرتبطة بهذه الجهات في التلاعب بالسردية الدولية واستبعاد الأصوات اليمنية المستقلة، وتبادل الأدوار بين المنظمات لتوجيه التمويلات وتقارير الضغط السياسي، مستغلين الحديث عن الأزمة الإنسانية والاقتصاد المنهار. وسلط الضوء على دور مؤسسة "مساءلة لحقوق الإنسان" في نشر روايات مضللة، كما حدث في تقريرها حول انتحار أحد السجناء في محافظة مأرب.
دعوات لتحقيق دولي ومحاسبة المتورطين
في ختام التقرير، دعت منصة "فرودويكي" إلى فتح تحقيق دولي شفاف حول مصادر وتمويلات هذه المنظمات، ومحاسبة الجهات المتورطة في دعم مليشيا الحوثي والتلاعب بالمساعدات. وأكدت أن استمرار هذا النمط من الدعم لا يخدم السلام، بل يكرس لواقع سياسي مختل يهدد مستقبل اليمن واستقراره.
وأكد التقرير أن أي تسوية سياسية لا تشمل تفكيك سلطة الحوثيين ومحاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، ستكون مجرد إعادة إنتاج للصراع، مما ينذر بمزيد من الحروب والانقسامات.
وفاة شاب تحت التعذيي في سجون الحوثيين وسط صمت مفروض على أسرته
توفي الشاب محمد علي حسن، أحد أبناء مديرية كسمة بمحافظة ريمة، تحت التعذيب في أحد سجون مليشيا الحوثي، بعد أشهر من اعتقاله تعسفياً دون أي مسوغ قانوني، في جريمة جديدة تعكس حجم الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة المسلحة بحق المعتقلين.
وقالت مصادر حقوقية إن المليشيا الحوثية سلّمت جثمان الشاب لأسرته وعليه آثار تعذيب واضحة، شملت كسورًا وكدمات في أنحاء متفرقة من جسده، في حين أجبرت الأسرة على توقيع تعهد بعدم الحديث عن ملابسات الوفاة أو المطالبة بإجراء أي تحقيق، في محاولة لطمس الجريمة والتستر على مرتكبيها.
تأتي هذه الحادثة ضمن سلسلة طويلة من حالات الوفاة تحت التعذيب في سجون الحوثيين، والتي وثقتها منظمات حقوقية محلية ودولية خلال السنوات الماضية، حيث وثّقت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان أكثر من 350 حالة وفاة في سجون الحوثيين منذ 2015، معظمها ناجمة عن التعذيب أو الإهمال الطبي المتعمد.
كما أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقارير سابقة أدانت فيها استخدام الحوثيين لأساليب تعذيب قاسية، شملت الصعق الكهربائي، الضرب بالأسلاك، الحرمان من النوم، والتعليق لفترات طويلة، بحق معتقلين سياسيين ونشطاء وصحفيين.
وتحذر منظمات دولية من أن استمرار الإفلات من العقاب، وصمت المجتمع الدولي عن هذه الانتهاكات، يشجّع المليشيا على المضي في ارتكاب المزيد من الجرائم ضد المدنيين. كما طالبت تلك الجهات بإحالة ملف الانتهاكات في اليمن إلى محكمة الجنايات الدولية، وفرض عقوبات على القيادات الحوثية المتورطة في الانتهاكات.
يُذكر أن تقارير أممية عدة، بينها تقارير فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة، أكدت وجود "نمط واسع من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة" داخل مراكز الاحتجاز الحوثية، بما في ذلك السجون السرية التي تديرها المخابرات الحوثية، ويُحتجز فيها آلاف اليمنيين دون تهم أو محاكمات.