الأحد 24 أُغسطس ,2025 الساعة: 08:34 مساءً
أحسنت الدائرة الثقافية في منظمة الالسكو بالجمهورية التونسية التقاط فكرة انشاء "رابطة للأدب الشعبي العربي" ونظراً لأهمية هذه التجربة فقد كتبت هذا المقال للتنبيه إلى أهمية مثل هذه الجهود. وجميعنا يعرف أن الثقافة العربية عموماً تأخذ مفرداتها وتمارس عادتها وتقاليدها من الثقافة الشعبية وأكثر شيء أثرت فيه الثقافة الشعبية هو الأغنية والرقص والحكاية ولا يخفى على أحد اليوم الانحدار الذي وصلت إليه الاغنية الشعبية والرقص الشعبي والواقع أنه يخفى على الكثير منّا أن المناهج الغربية في أوربا وأمريكا اهتمت بثقافتها الشعبية في وقت مبكر وأحد أعمدت نهضتهم الثقافة الشعبية ويعتقد معظمنا بسبب الترجمة أن الشعوب الأجنبية تكتب بلغة بعيدة عن الواقع والحقيقة أن الفارق هناك ليس كما هو لدينا فالفصحى والدارجة تكاد تكون مختلطة إنهم يكتبون باللغة التي اعتادوا عليها كثيراً. فمعظم الروايات والكتب والدواوين الشعرية التي تترجم تكتب بلغة الشعب ولهجته وفيما يخص اللهجات العربية فإن كثيراً ما يرد فيها لا يتعارض مع فصاحة اللغة العربية ولا يقلل من شأنها وكثيراً ما تعد مفردات اللهجات الشعبية بقوة بيانها وبلاغة مفرداتها رديفاً للمعجم اللغوي العربي فمثلا اللهجات اليمنية معظمها تنطلق من كلمات وردت في القرآن الكريم ومعظمها أيضاً- مدونة في القواميس العربية. والكتاب اليمنيين الكبار مثل جعفر الظفاري والمقالح ومحمد عبده غانم وحمود العودي بُنيت مشاريعهم الإبداعية على الثقافة الشعبية والشاعر الكبير عبدالله البردوني ألف ايقوناته الإبداعية منطلقاً من ثقافته الشعبية وسوف يلمس القارئ ذلك من كتابيه: الثقافة الشعبية وفنون الادب الشعبي.
ولابد أن أشير هنا إلى أن منظمي الفعالية والقائمين على إدارة هذا الملتقى "الملتقى الأول لروابط الأدباء الشعبيين في الدول العربية" " 15-16 – مايو -2025" هم المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم – إدارة الثقافة – التي يرأسها حميد النوفلي ولعلها تأخذ شرعيتها من هذا الحضور الرسمي. في يوم افتتاح الملتقى ألقى المدير العام للمنظمة معالي الدكتور محمد ولد أعمر كلمة مشرفة قال فيها بأن نتائج هذه الفعالية ستكون بالأفعال وليس بالأقوال فقط وبسبب هذه الكلمة قلت لمنظمي الفعالية في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم – الألكسو" أثناء المناقشة: "شكراً فقد وصلتم في الوقت المناسب"
ثم جاءت كلمة الدكتور حميد النوفلي التي اثنيت عليها بعد ذلك، وهي الكلمة التي لخص فيها المشروع الثقافي الشعبي الذي اجتمعنا بسببه أشار في كلمته إلى أن صاحب فكرة الملتقى الدكتور خلف حمود الخالدي من الكويت وبما يدفع إلى التصميم والعزيمة أشار الدكتور حميد إلى أن الملتقى سيبحث في التالي:
- مؤشرات التواصل في الثقافة الشعبية العربية (وحدة التراث الشعبي العربي)
- دور التنمية الشعبية في تنمية الوعي الاجتماعي وتعزيز التنمية.
- التماثل في بنى التعبير الفني للأدب الشعبي في الأقطار العربية.
- دور الروابط الأدبية والمجتمع المدني في النهوض بالأدب الشعبي
- الادب الشعبي وتحديات العولمة والرقمنة.
بعد كلمة ورقة الدكتور سعيد لن أجافي الصواب إذا قلت بأن الشاعر التونسي محمد بو كراع قدّم نصوصاً شعرية بالدارجة التونسية شعرنا بفصاحتها وجودتها.
ولا أستطيع هنا أن أتجاوز الأوراق المهمة التي قدمت يومها 14 مايو 2025 من جموع المشاركين الذين ابتدأوا بورقة مهمة للأستاذة سلمى الجلاصي التي تحدثت عن أغاني النساء المطموسة بورقة كشفت فيها عن المسكوت عنه في هذا اللون. ثم ورقة الدكتور ناصر بن حمود الحسني الذي استعرض فيها بمنهجية مطلقة دور الثقافة الشعبية في التنمية المستدامة. ولم تفتني تفاصيل ورقة خلف الخالدي من الكويت الذي كان سبباً في اجتماعنا لأنه صاحب فكرة الملتقى وهي الورقة البديعة التي تحدث فيها عن القيمة العلمية والأدبية في الثقافة الشعبية وهو ما يعني أن بيئتنا الشعبية ونتاجنا الشعب يقوم على العلمية فيما لو ركزنا أكثر. ورقة الدكتورة وفاء شعلال من الجزائر تكثفت لتحمل نفس المؤتمر في ربطها للأدب الشعبي بالرقمنة والعولمة. ولكي تكتمل حلقة الأوراق كان لابد من الانتقال إلى تجربة تطبيقية تقدم بها الدكتور أحمد بن زايد من تونس الذي طبق المنهج البيداغوجي على ثلاث حكايات مدهشة.
وقد جاءت المفاجئات في الجلسة الثانية التي انتقلنا فيها إلى عروض ممثلي الروابط لننتقل إلى تجارب ناجحة ومهمة دشنها صالح الغريب لعبيدي من دولة قطر ليستعرض تجربة عربية خالدة قال فيها "إنه لدينا إرث نباهي به الأمم" ثم تجربة من نفس البلد قدمها فيصل التميمي لتكشف عن أبعاد جديدة في تجربة الروابط العربية مذكراً بتجربة قطر مع "مجلة المأثورات الشعبية" التي كانت تنشر كل ما يتعلق بالعطاء الإبداعي العربي. ومن العراق استعرض فرحان العكليلي تجربته في انشاء اتحاد الأدباء الشعبيين العرب، واستضافته للكثير من الشعراء العرب.
وفي تجربة المهندس سعيد الصقلاوي أحس الجميع بأنهم قد وصلوا إلى مبتغاهم في المضي بدفّة هذا الملتقى إلى الأمام أمّا "خدي بن شيخن" من جمهورية موريتانيا الإسلامية فقد استعرضت تجربتها في انشاء اتحاد الأدباء الشعبيين هناك وهي تجربة لا بد أن يعتز بها كل مواطن عربي نظراً لخصوصيتها البالغة وعطاءها الجميل في ذلك الركن من العالم. ومما يؤسف له غياب دولة فلسطين التي يعد موروثها الشعبي من أهم ما قاله العرب، ومهما كتبنا ستظل كتاباتنا مثلّمة بدون موروث فلسطين الشعبي العميق. والحقيقة أن ما قُدم في الملتقى من جميع الدول العربية ليست أوراق مقدمة للمؤتمر فقط وإنما هي علامات مضيئة وتأسيسية لابد أن نهتدي بها في عملية سيرنا. انتهت الجلسة التي رأسها عماد صولة وفي اليوم التالي افتتحت جلسة تكميلية رأسها المصطفى حمادي وعرض في كل من
إبرير إسماعيل من الجزائر
علي الصمد من لبنان
محمد عبدالوكيل جازم من اليمن
خليفة صالح خليفة من ليبيا
وتم استعراض تجارب جمعيات تونسية قدمها: عاصم بو خشيم، وعلي بو دربالة، وفوزية عنتيت وعمر بلهون.. وفي الجلسة الختامية التي ادارتها وفاء شعلال قدم د. عماد صولة ورقة عن الذاكرة الشفوية. ثم بعد جلست مشاورات مغلقة رحبت المنظمة باقتراح انشاء مركز للثقافة والتراث الشعبي في دولة قطر بتمويل الدولة القطرية واشراف المنظمة الثقافية في الالكسو.