عبد الغني مطهر.. الثائر الذي بذل روحه للجمهورية وخذله رفاقه
الثلاثاء 02 سبتمبر ,2025 الساعة: 01:53 مساءً

في كل مرة تلوح لنا ذكرى السادس والعشرين من سبتمبر، يعود عبد الغني مطهر إلى الذاكرة كرمز لا يُنسى، كنار تشتعل في وجدان من يعرفون حجم العطاء والتضحية التي قدمها هذا الرجل لوطن حر آمن به حتى النخاع.
و لم يكن عبد الغني مطهر مجرد اسم في سجل الثورة، بل كان من أوائل من وضعوا اللبنات الأولى للجمهورية، ومن دفنوا أحلام الإمامة في جغرافيا الإيمان اليمني بالحرية.

ولد عبد الغني في احد قرى الاعروق بجبال حيفان، وحمل هم الوطن في قلبه مبكرا، حتى قبل اندلاع الثورة، حين ساهم في تأسيس "اللجنة التأسيسية للأحرار" في تعز إلى جانب رجال كان لكل منهم مشروع جمهوريٌّ يتنفس من رئة الوطن. أي لم يكن مطهر من المتفرجين على التاريخ، بل من صُناعه، حتى إنه كان رسول الثورة اليمنية إلى الرئيس جمال عبد الناصر، في واحدة من أخطر المهام السياسية التي سبقت تفجير بركان سبتمبر.

كذلك لم يكن الرجل من المنظرين في المقاهي أو الساسة الباحثين عن مجد شخصي، بل باع ماله كله من أجل دعم الجمهورية، وأسس "تنظيم التجار الأحرار" ليكون الرافعة الاقتصادية للثوار، جامعا بين الرؤية الثورية والدور العملي الذي غاب عن كثيرين.

تحديدا في 1958م شُكلت اللجنة التأسيسية للأحرار في تعز، التي كان عبد الغني مطهر أحد أعضائها، وشملت كل من عبد الغني مطهر، والشيخ قاسم حسين أبو رأس والشيخ زيد مهفل والشيخ مطيع بن عبد الله دماج والشيخ إبراهيم حاميم والشيخ ناشر عبد الرحمن العريقي والشيخ حسين بن ناصر مبخوت والملازم محمد مفرح وعبد القادر الخطري وعلي حمود الحرازي ورائد أحمد الجرموزي والشاويش حمود سلامة وعبد الله ناجي.

كما كان عبد الغني على رأس تنظيم التجار الأحرار، والذي ضم الشيخ علي محمد سعيد والشيخ عبد القوي حاميم والأستاذ أحمد ناجي العُديني وآخرون.
حصل على العديد من المناصب، من أهمها:

عضو مجلس قيادة الثورة.
أول محافظ لمدينة تعز خلال عهد الرئيس عبد الله السلال.
ألّف كتاب (يوم ولد اليمن مجده) الذي يحكي فيه قصة وتاريخ مشاركته في الثورة.
لكن، كما في كل الثورات، تأتي الخذلانات من الداخل، ومن أقرب الدوائر. بعد انتصار الثورة، تعرض عبد الغني مطهر لخذلان موجع من رفاقه، بل سُجن من قِبل "عصابة 5 نوفمبر" لمدة أحد عشر شهراً، تعرض خلالها للإذلال اليومي، وكأنما أرادوا اغتياله معنويا بعد أن عجزوا عن اغتياله جسديا. أي مفارقة تلك، حين يُسجن أكثر الجمهوريين إخلاصا على يد من زعماء حماية الثورة؟

إنها مأساة لا تزال أصداؤها تحترق في أرواح الأوفياء، تتحول دخانا في صدورهم، وتذكرهم بأن التاريخ لا يرحم من خانوا مبادئه.
والحال لا يكفي أن نذرف الدموع على أمثال عبد الغني، بل علينا أن نصحح أخطاء الذاكرة الجمعية، وأن نعيد لمثل هؤلاء مكانهم الطبيعي في كتب المناهج، في وجدان النشء، وفي ذاكرة الوطن الرسمية.

فلقد نُهب تاريخه، وأُهملت سيرته، حتى أن كتابا نادراً يؤرخ له وجد طريقه لا إلى دار نشر، بل إلى مكتبة خاصة، سُرق – كما يقول صاحبه ممازحا – "بفتوى من عبد الباري طاهر بأن سرقة الكتب حلال".

لكن ما لا يُسرق هو النبل. وما لا يُنسى هو صدق الإيمان بالجمهورية، حين كان أمثال عبد الغني يؤمنون أن 26 سبتمبر هو "قرآن القلب المرتل"، وأن التضحية لأجله واجب وطني مقدس.

ففي زمن المراجعات، لا بد لليمنيين أن ينصفوا من بذلوا الأرواح والأموال والكرامة، ثم نالهم النسيان أو التنكيل. عبد الغني مطهر لم يكن مجرد اسم..كان روح سبتمبر الحقيقية.

ألا فليحيا 26 سبتمبر.
"يوم ولد اليمن مجده"


Create Account



Log In Your Account