الإثنين 13 أكتوبر ,2025 الساعة: 12:22 مساءً
كشف عضو مجلس النواب اليمني علي عشال عن ملفات فساد خطيرة تضرب قطاعي النفط والغاز في اليمن، مؤكدًا أن البلاد تُدار منذ سنوات بـ“عقلية السماسرة” في ظل غياب قيادة وطنية راشدة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية.
وقال عشال، خلال مشاركته في جلسة المشهد الاقتصادي ضمن أعمال مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين المنعقد في مدينة إسطنبول، إن اليمنيين خلال مؤتمر الحوار الوطني عام 2013 “كانوا يُطلب منهم التنظير لمستقبل السفينة، بينما كانت منظومة العمل السياسي تسير بها إلى اتجاه آخر”، في إشارة إلى انحراف القيادات السياسية عن المسار الوطني لبناء الدولة الحديثة.
وأكد النائب البرلماني أن اليمن بحاجة إلى قيادة استثنائية تتناسب مع حجم التحديات، مشددًا على أن “الإصلاح السياسي الجاد هو المدخل الحقيقي للنهوض الشامل”، داعيًا إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية تضمن الشفافية والمساءلة.
وفي سياق حديثه عن ملفات الفساد في قطاع النفط، استعاد عشال قضية “القطاع 18” عام 2004، عندما حاولت الحكومة آنذاك تمديد عقد شركة “هانت” الأمريكية “بطريقة جائرة”، كانت ستؤدي – بحسب قوله – إلى خسارة اليمن أكثر من خمسة مليارات دولار خلال عامين، لولا موقف البرلمان الذي رفض التمديد وأوقف الصفقة بعد معركة قانونية في المحاكم البريطانية.
وأضاف: “البرلمان في تلك المرحلة أنقذ اليمن من خسارة تجاوزت ستة مليارات دولار، فقد كانت لدينا مؤسسات رقابية فاعلة وبرلمان حقيقي قادر على محاسبة الحكومة، بخلاف الوضع الحالي الذي أصبح مفككًا ومختطفًا من السماسرة”.
وأوضح عشال أن صفقات النفط والغاز خلال سنوات الحرب تُدار بعقلية سمسرة لا بعقلية دولة، محذرًا من أن الفساد “ينهش عظم الاقتصاد الوطني بعد أن تجاوز مرحلة السطح”.
وفي ملف الغاز، وصف عشال الصفقة التي أبرمتها الحكومة لبيع الغاز اليمني بأنها “كارثية”، موضحًا أن “المليون وحدة حرارية كانت تُباع بـ3.2 دولار فقط، بينما كانت قيمتها السوقية 9 دولارات”، ما تسبب بخسائر فادحة للاقتصاد الوطني. وأشار إلى أن البرلمان حينها كان قد حذر من المضي في تلك الاتفاقية، مؤكدًا أن احتياطيات الغاز المحدودة كان الأجدر توجيهها لتوليد الكهرباء بدل تصديرها بأسعار بخسة.
ولفت إلى أن تعطيل مؤسسات الرقابة والمحاسبة خلال الحرب أدى إلى تفشي الفساد “بصورة غير مسبوقة”، قائلاً: “في السابق كان لدينا برلمان وجهاز رقابة وهيئة مكافحة فساد، أما اليوم فقد تم تعطيل كل هذه المؤسسات بحجة الحرب، وأصبح المشهد يتجه نحو مزيد من إهدار الفرص”.
واختتم عشال مداخلته بالتأكيد على أن مواجهة هذا الوضع تتطلب إصلاحًا سياسيًا حقيقيًا وإنتاج قيادة راشدة ذات مشروع وطني تعبّر عن طموحات اليمنيين، داعيًا الباحثين والخبراء المشاركين في المؤتمر إلى تقديم رؤى واقعية لمعالجة الأزمات الاقتصادية ووضع حلول عملية قابلة للتنفيذ.
وأشاد عشال في ختام حديثه بأعمال مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين، معتبرًا أن هذه النسخة “قد تكون فاتحة لمؤتمرات قادمة أكثر نضجًا ورقيًا”، مضيفًا: “لأول مرة أرى مؤتمرًا يوازي حجم التحديات الوطنية ويقدّم أوراقًا ناضجة وحلولًا واقعية يمكن البناء عليها في المستقبل”.