انهاء الدعم الأمريكي.. هل ينجح "بايدن" في وقف حرب اليمن؟ وماذا يحتاج؟
السبت 06 فبراير ,2021 الساعة: 12:05 صباحاً
خاص

أثارت مساعي الرئيس الأمريكي جو بايدن لوقف الحرب في اليمن، آراء متباينة وتساؤلات حول مدى تأثيرها على إنهاء الصراع في البلد الذي يشهد منذ نحو سبع سنوات حرب يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها حرب بالوكالة بين السعودية وإيران.

والخميس أعلن بايدن أنه قرر وقف دعم بلاده للأعمال العدائية في اليمن، بما في ذلك صفقات بيع الأسلحة ذات الصلة، داعيا إلى وضع حد للحرب هناك.

وعيّن بايدن أيضًا الدبلوماسي المخضرم تيم ليندر كينغ، مبعوثا خاصا إلى اليمن، في خطوة تعد الأولى من نوعها.

وقوبلت دعوة بايدن لوقف الحرب في اليمن، بتأكيد الأطراف المشاركة في الحرب رغبتها في إنهاء النزاع، ولو أن الحل الفعلي يبدو بعيد المنال بحسب مراقبون.

وأكدت الحكومة اليمنية على "أهمية دعم الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة".

وقالت وزارة الخارجية في بيان نشرته وكالة سبأ الرسمية للأنباء ليل الخميس إن الحكومة ترحب "بما ورد في خطاب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن بالتأكيد على أهمية دعم الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة اليمنية".

وجددت الحكومة "التزامها التام بالعمل مع تحالف دعم الشرعية وأعضاء المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي يجلب السلام الشامل والمستدام في اليمن".

ولم تتطرق الحكومة إلى ذكر قرار بايدن إنهاء الدعم العسكري للحرب في اليمن.

كما اعتبرت تعيين ليندركينغ مبعوثًا أمريكًا لدى اليمن، بأنه "يعد خطوة أخرى مهمة تتخذها الولايات المتحدة ضمن مساعيها الداعمة والمساندة للحكومة والشعب اليمني لإنهاء الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران".

وتقود السعودية منذ 2015 تحالفاً عسكرياً دعماً للحكومة المعترف بها دولياً والتي تخوض نزاعاً دامياً ضدّ الحوثيين المدعومين من إيران منذ 2014 حين سيطروا على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى.

بدورها، جددت السعودية دعمها للحكومة اليمنية سياسيا وعسكريا لمواجهة جماعة الحوثي.

وقال نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر"، إن "المملكة مستمرة في دعم الشرعية اليمنية سياسيا وعسكريا في مواجهة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران في كل الجبهات وبكل حزم".

وتطرق إلى: "استمرار المملكة في دعم الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن وفق المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية، وقرار مجلس الأمن 2216، ومخرجات الحوار الوطني اليمني)".

وكان المتمردون الحوثيون رحبوا مساء الخميس بقرار إدارة بايدن.

قال المتحدث باسم المتمردين محمد عبد السلام، إن "البرهان الحقيقي لإحلال السلام في اليمن هو وقف العدوان ورفع الحصار".

وأضاف في تغريدة عبر "تويتر": "خيار العدوان والحصار أثبتا فشلا ذريعا"، مؤكدا أن "صواريخ اليمن للدفاع عن اليمن، وتوقفها مرتبط بتوقف العدوان والحصار بشكل كامل".

وقتل وأصيب في الحرب الدائرة في اليمن عشرات آلاف الأشخاص وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة. وتسبّب النزاع كذلك بنزوح نحو 3,3 ملايين شخص وترك بلداً بكامله على شفير المجاعة.

كما شهدت الحرب فظائع من جميع الجهات. حيث انشأت الإمارات تشكيلات مسلحة غير خاضعة للحكومة الشرعية ودعمت انقلاب آخر في عدن. فيما وضع الحوثيون ملايين الألغام الأرضية بشكل عشوائي وجندوا آلاف الأطفال، واعتقلوا آلاف المدنيين والمناهضين لهم.

"خطوة ممتازة"

وترى الباحثة آنيل شيلاين من معهد كوينسي في واشنطن إن إعلان بايدن "خطوة أولى ممتازة"، ولكنها حذرت من أن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، مضيفة "تبقى معرفة ما معنى العمليات الهجومية عند الممارسة".

وأضافت في تصريح نقلته وكالة فرانس برس: "من سيحدد معنى العمليات الهجومية؟ السعودية أم الولايات المتحدة؟ وكيف سيتم تعريفها؟ السعوديون على سبيل المثال يجادلون بأن كافة جهودهم الحربية هي دفاعية".

وتعتبر الباحثة أن "إنهاء دعم الولايات المتحدة للحرب وإنهاء الحرب أمران مختلفان تماما. لإنهاء الحرب حقا، نحن بحاجة إلى الدبلوماسية، ولهذا نحن بحاجة للحديث مع الإيرانيين مجددا".

أولوية بايدن الوحيدة

في ذات السياق، ترى الكاتبة والصحفية المهتمة للشأن الأمريكي، جويس كرم، اهتمام بايدن في اليمن "ليس لأسباب شخصية، فهو كان نائبا للرئيس حين بدأت الحرب في 2014، ومهد للدعم الأميركي يومها".

وأشارت في مقال لها نشره موقع قناة "الحرة" الأمريكية، إلى أن بايدن استفرد اليمن كأولوية وحيدة في الشرق الأوسط.

وأضافت: "ما تبدل بين 2014 و2021 هو التحولات في المجتمع الأميركي وتقاطع وقف الدعم للحرب مع توجهات الرأي العام ومعظم أعضاء الكونغرس من الحزبين".

وأردفت: "هذا عكسه التصويت العام الفائت لوقف صفقة الأسلحة مع السعودية والتي عاد ونقضها ترامب، وبصعود تيار معاد لحرب اليمن والأزمة الانسانية خلال الحملة الرئاسية".

ولفتت كرم إلى أن بايدن يرد الجميل لمن تحالف معه من الديمقراطيين المعارضين لحرب اليمن.

وترى أن إنهاء حرب اليمن سيتطلب جهودا دبلوماسية جبارة تتخطى خطاب بايدن وتجميد التعاون الاستخباراتي.

كما يتحتم على تلك الجهود استراتيجية شاملة للتعاطي مع الأزمة الإنسانية، والمصالحة الداخلية، وتقويض الحوثيين، تهريب السلاح، أمن السعودية، ودور إيران، وفق كرم، مشيرةً إلى أن "الإدارة الجديدة تدرك ذلك وهي تحاول عبر قنوات خلفية وفي وسائل الضغط لنيل تنازلات من عدة أطراف فشل في حصدها المبعوث الأممي، مارتن غريفيث".

السعودية بلا حليف دولي

ويرى المحلل السياسي اليمني، عبدالناصر المودع، أن "السعودية تجد نفسها دون حليف دولي أو إقليمي أو حلفاء في اليمن" بعد إعلان بايدن وقف الدعم العسكري للرياض.

وقال المودع في تغريدات عبر حسابه بموقع تويتر، رصدها "الحرف 28"، إن المنطق السياسي يقول بأن السعودية بحاجة إلى مراجعة جذرية لسياساتها في اليمن، تشمل هذه المراجعة.

وتتمثل المراجعة، وفق المودع، بتغيير الأهداف والوسائل، والمسئولين عن الملف اليمني في السعودية.

وأضاف: "أهم ما على السعودية عمله هو التعامل مع اليمن كشريك حقيقي وليس حديقة خلفية مهملة" مشيرًا إلى أن ذلك "يتطلب منها التخلص من أسوا نسخة من سياسيي اليمن، والتي تحتضنهم في أراضيها".

استمرار الحرب

أما الباحث اليمني المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، علي الذهب، فيرى أن بايدن قدّم الحل الدبلوماسي على الحلول القائمة على القوة الخشنة لإنهاء الحرب في اليمن.

وقال الذهب في تدوينة على حسابه في تويتر، إن إشارة بايدن إلى وقف الدعم العسكري للسعودية، مع التزام واشنطن بالدفاع عنها، تجعل حرب اليمن تراوح مكانها في سوق الانتهازية بين قوى الخارج الداخل، رغم ما قد تطرحه قوى الخارج الكبرى من حلول مغرية.

وأشار إلى أن سياسة بايدن المعلنة تجاه الحرب في اليمن "تتماشى مع ما تطرحه بريطانيا عبر المبعوث الأممي، الذي يحاول إعادة الحقبة الاستعمارية و الكهنوتية من الباب الخلفي"، حد تعبيره.


Create Account



Log In Your Account