كان الملف اليمني عبر تاريخ العلاقات السعودية/ اليمنية ، بيد أمراء كبار لهم باع في السياسة وفي العلاقات الدولية ، ولكنه في غفلة من الزمن أصبح بيد اللجنة الخاصة ومعها السفير محمد آل جابر الذي عمل على تفكيك الشرعية ومصادرة قرارها وتصفية المؤسسة العسكرية واستبدالها بمجاميع عسكرية تحت قيادة أشخاص لا علاقة لهم بالشأن العسكري ، فكل ما يهمه هو تقاسم فائض الفساد الذي راكم من خلاله ثروة كبيرة . ففي الوقت الذي كانت الإمارات الحليف القاتل للمملكة تبني مليشيات تحت مسمى أحزمة ونخب أمنية بهدف إجهاض الشرعية ، كانت اللجنة الخاصة والسفير محمد آل جابر يتقاسمون أموال الإعمار والإغاثة مع حفنة من الفاسدين اليمنيين ، لتتحول المملكة من قائدة للتحالف إلى مقودة خلف الإمارات ، فقد أظهرت اللجنة الخاصة المملكة وكأنها بلا هدف وكسرت هيبة المملكة وعظمتها . ولست بحاجة إلى القول إن اللجنة الخاصة بدت وكأنها مولعة بارتكاب الأخطاء الاستراتيجية وتورطها في الفساد أفقدها القدرة على التقييم الصحيح للأوضاع السائدة وخلال سنوات الحرب لم تراجع نفسها ولم تعترف بأخطائها وتصر على توجيه السياسة السعودية نحو الأزمة ونحن نعلم أنه من بديهيات علم السياسة ، أن المعلومات الخاطئة والمضللة تؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة ، فاللجنة الخاصة تعاملت وما زالت تتعامل مع أشخاص وجهات أثبتت فشلها وهي تعلم علم اليقين بأنها قد فشلت ومع ذلك ظلت تقدم تقارير مضللة وخادعة وكاذبة وملفقة الهدف منها الإبقاء على مصالحها . لا أريد في هذه المقالة مناقشة التضليل الذي مارسه آل جابر واللجنة الخاصة لأن الشرفاء من السياسيين والكتاب ووسائل الإعلام والواقع فضحها وعراها ودحض الأكاذيب والانجازات المزعومة التي لم تصمد أمام حقيقة هروب الحكومة من المعاشيق ساعات قليلة ، فقد قلنا مرارا وتكرارا أن اللجنة الخاصة وتدخل السفير آل جابر بالقرار اليمني سيضر بالشرعية ومن ورائها المملكة العربية السعودية . إذا لم تتدارك المملكة الوضع وتعيد قراءتها للوضع في اليمن ونقل الملف اليمني من يد اللجنة الخاصة وتغيير السفير محمد آل جابر فسوف تدفع المملكة الثمن غاليا ولن تستطيع أن تنتصر بهذه الأدوات ولابد للأمير خالد الذي نقل إليه الملف اليمني أن يحيط نفسه بخبراء سياسيين واستراتجيين من السعوديين واليمنيين الذين يدركون أهمية أمن البلدين ومستقبلهما القائم على المصالح المشتركة وليس على تقويضها . كان الشارع اليمني قد تفاءل كثيرا بإقالة قائد القوات المشتركة واعتقد أن إقالة آل جابر ستكون التالية ، خاصة وأن المتابعين لحملة الأمير محمد بن سلمان ضد الفساد قد ربطوا بين هذه الحملة والإقالة ، وهي جزء من العلاج بالصدمة التي وصفها الأمير محمد ، فقد كان قائد القوات المشتركة يضلل الرأي العام بالإنجازات المنجزة ليس فقط في ساحة المعركة التي وصلت إلى مشارف العاصمة صنعاء ، بل كان متوقعا أن يتم إعفاء آل جابر من مهمته ، لأن الإخفاق السياسي يوازي الإخفاق العسكري ويساويه في الفساد المالي والإداري وفي إهدار بناء الدولة . ننطلق في كل ما سبق من قول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، إن حرب اليمن لم تكن خيارا للسعودية ، ولو لم تتدخل قوات التحالف لكان السيناريو الآخر أسوأ بكثير وذهب إلى أن المملكة لو انتظرت قليلا لأصبح الخطر داخل الأراضي السعودية وأن ما حققته السعودية من إنجازات كبيرة ، فعند بداية العمليات العسكرية كانت سيطرة قوات الشرعية تكاد تكون صفر وبعد تدخل المملكة أصبح ٨٥%. ونحن نقول للأمير محمد إن اللجنة الخاصة وسفيركم لدى اليمن أحرموا الشرعية حتى من هذا الصفر. أختتم بما كتبته في مقال سابق بعنوان : السعودية بين التردد والقفز إلى الأمام ، فقد تناولت فيه كريزما المواجهة التي يتمتع بها ولي العهد لكنه مضى إلى الأمام بفريق متردد أفشل سياسة المواجهة وهو بحاجة إلى فريق عمل يملك نفس الإقدام ، ينطلق من ، وضوح الأهداف وتقييم مجريات الحرب وتحديد الأفضليات في الأهداف واختيار أشكال القوة التي يمكن اللجوء إليها طبقا للوضع القائم وتقييم دقيق للشرعية وعدم السماح بضياع عدن لتثبيت ضياع صنعاء ، وهنا لابد من عقد ورشة عمل لتقييم السلبيات والإيجابيات في مسار الحرب وتقديم مقترحات لمعالجة الخلافات التي تعصف بالتحالف والشرعية ، فلا يمكن للسعودية أن تستقر بدون وجود دولة في اليمن لديها جيش قوي ، ولا يمكن للسعودية أن تحمي نفسها من إيران واليمن بدون دولة .
*نقلًا عن صفحة الكاتب في فيسبوك