عن الموت والحب والمطر
الثلاثاء 27 ديسمبر ,2022 الساعة: 09:00 مساءً


يتساءل البعض:  لماذا أكتب عن الموت هذه الأيام  وما الذي يجري؟  ويطلب مني آخر التوقف عن هذا النوع من الكتابة من باب الحب والحرص والبعد عن التشاؤم طبعا. 

والحقيقة أنني أحب أن أكتب عن المطر والطفولة وخمرة الأرض وعن الحياة والموت وحنين الرعد. 

هذه مفردات أتناولها بشغف كلما صادفت سببا  لها أو أجدها مثل نزول المطر أو لمعان برق أو إخضرار الروابي أو  ذكرى الطفولة أو قابلت إشارة أو رعد من رعود الموت وبروقه  سواء في شخصي أو أقربائي أو عند آخرين، وكل هذا في سياق واحد ومتكامل للحياة. 

تقول لي: فهمنا كل هذا لكن ما دخل الموت محشورا بين هذه المفردات الجميلة التي تنضح بالبهجة والحياة؟!
اعتقد أن الحديث عن الموت يتسق  تماما مع هذه المفردات بل هو أهمها على الإطلاق فهو الحقيقة البارزة واليقين ومن لايعرف كنه الموت لا يعرف الحياة ومن لا يحاول تسلق سور الموت عبر روافع روحية  ليرى و يقترب من  حقيقة الموت، فلن يعرف الحياة كما ينبغي وسيعيش قلقا ينقصه اليقين وبطاقة ضعيفة ومهزوزة وقوة مرتعشة يسيطر عليه القلق والخوف من الناس ومن نفسه ومن الظروف ومن هوام الأرض وطواغيته، يخاف من هزة ريح ويفتجع من ظله. 

يقول خبراء البحار:  عندما تهب العواصف فإن الأمان  هو الإبحار إلى العمق وليس الهروب إلى الساحل حيث تلتهم الأعاصير السفن ويكون الغرق الحتمي.

الموت هو الوجه الأخر للحياة، وهو العمق الذي يجب الإبحار فيه والتعامل معه كمفردة طبيعية للحياة الممتدة إلى ما وراء النجوموخلف الشمس،  وذلك  لكسب الأمان وحتى  تتصرف في الحياة بحب لايعكره كراهية وتسامح لا يعرف الأحقاد وسعادة لا تعرف القلق والإضطراب  قريبا من لطافة الروح بعيدا عن كثافة الطين. 

عليك ياصاحبي  الإقتراب من حقيقة الموت و فلسفته بقاعدة إيمانية تتجاوز الخوف الذي يحولك إلى مخلوق مذعور ومرتعش.
وعلى الإنسان أن يعيش في هذه الحياة كما ينبغي قويا مرفوع الهامة مبتسما برضى يغالب الحزن مهما كانت الظروف وكما قال أحدهم( جنتي في قلبي وقلبي لايملكه الا ربي) ، فيعيش حياته بطموح متجدد وبدون ذعر، قويا صانعا للمعروف، منتجا للحياة دون يأس أوخوف أو إحباط.
وأعتقد أن أفضل ما يعبر عن هذه المرتبة الإيجابية في صناعة الحياة وعمران الأرض، متغلبا على عوامل الضعف متجاوزا كل التحديات والموانع والمواجع هو قول المصطفى صلى الله عليه. سلم (اذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها )  هذا القول الجامع أمام موت الكون لا يحتاج الى بيان أو شرح  فقط يحتاج الى وقفة  تدبر  وتأمل لنرى بعض أسرار وومضات ووظيفة الموت وعلاقته بالحياة  فالبيان  هنا  أظنه يشوش المعنى.
هذه دوافع السطور ورسالة مابين السطور عن الموت والحياة وقوانين الزوال والخلود. 



Create Account



Log In Your Account