السبت 30 نوفمبر ,2024 الساعة: 04:26 مساءً
ها هو الـ30 من نوفمبر 1967م للاستقلال الوطني، يأتي في ظل ظروف ومتغيرات عديدة على مستوى العالم، وهذا ما هو واقع حالياً، حيث أن الأمور تتجه أو تعطي لبروز مؤشرات جديدة، يمكن من خلالها أن تؤدي إلى إنشاء، أو تكوين أقطاب وتحالفات عدة، بعيداً عن الهيمنة وسياسة التدخلات في شؤون الآخرين، بهدف فرض الإملاءات عليهم لخدمة مصالحهم الإستعمارية، والتي تحاول بشتى الوسائل والسبل لتحقيقها تحت مبررات واهية ومزاعم كاذبة، أضحت مفضوحة ومعروفة لدى ساسة العالم ودوله وشعوبه، ولم تعد خافية على أحد، مثل تلك الأساليب الملتوية، والتي كانت دائماً ما تؤدي أعمالاً كهذه إلى الإطاحة بالكثير من الأنظمة الوطنية والتقدمية، وهذا فعلاً ما حدث في العديد من بلدان العالم حينذاك.
واليوم ها نحن نشهد سيناريوهات، أو تطورات خطيرة، وغير طبيعية بغرض عمل أجندات جديدة، بما يخص الأوضاع في اليمن، والذي لا يزال يئن ويعاني أحواله، منذ عشر سنوات عجاف، لم ينتج عنها سوى الدمار، والخراب، والتشرد والنزوح لأبنائه ، خلافاً عن أولئك الشهداء والجرحى ، ومبتوري الأرجل والأيدي، وغيره.
ورغم تلك الأوضاع القاسية، التي عانى ولا يزال يعاني منها شعبنا اليمني حتى الآن، سيما منهم أولئك الغلابى، والمساكين، والفقراء، وكذا موظفي الدولة، والذين وصل انقطاع رواتبهم إلى حد لا يطاق، وغير مقبول للبتة، نتيجة للسياسة الهوجاء، التي تقوم بها حكومة الشرعية، دون دراية منها، وعدم التعاطي معها وفق رؤى ومنهجية علمية إقتصادية واضحة، وأمام هذه الظروف المعيشية والإقتصادية الصعبة، هنالك من يعمل ويسعى ، إلى إعادة الأمور إلى ما كانت عليه أثناء الحرب ، وربما تكون أكثر ضراوة من ذي قبل ، وهذا فعلاً مطروح على الطاولة ، في الوقت الحاضر ، من قبل الإدارة الأمريكية ، ناهيك عن من تَعوِل عليهم ، في الداخل اليمني وخارجه ، لأجل إشعال الحرب ثانية ، خدمة لأهداف إستعمارية ، صهيونية وغيرها.
إذاً، أعود وأقول: ماذا عن ذكرى ال ٣٠ من نوفمبر ٦٧ م للإستقلال الوطني؟
وكما أشرنا آنفاً ، بأنه يأتي في ظل أوضاع مأساوية ، ومتردية للغاية ، تشهدها اليمن ، واليمنيون على السواء ، وذلك لما يعانوه في هذه الفترة العصيبة والمعقدة ، من تاريخ وحياة شعبنا اليمني ، الذي ناضل وأستبسل، من أجل نيل حقوقه، وإستعادة كرامته، من قوة الإستعمار البريطاني، وأذنابه ، من مستوزرين، وسلاطين، وغيرهم.
إذاً ، هذه الذكرى ، ينبغي ألا تنسى من قبل أبناء شعبنا ، بكافة شرائحه وفئاته الإجتماعية، والسياسية ، والمدنية ، وعلى أن يستلهموا منها أدوارها ، ونضالها الكبيرين ، والذي كان له الأثر الكبير ، في قلوب الجماهير اليمنية ، شمالاً وجنوباً ، لإن ذكرى الإستقلال الوطني ، مثل المسار والخيار الصحيح ، للنظام الوطني التقدمي ، في جنوب الوطن اليمني ، آنذاك بقيادة الجبهة القومية.
وها نحن اليوم نحتفي ، بهذه الذكرى الغالية في عامها ال ٥٨ م للإستقلال ، وبالتالي هو ما يستوجب علينا الوقوف إجلالاً وإحتراماً ، لأولئك الشهداء ، الذين قدموا أرواحهم ، في سبيل أن تنتصر ثورة ال ١٤ من أكتوبر المجيدة ، وهو ما تحقق ذلك في ال ٣٠ من نوفمبر ٦٧ م وخروج آخر جندي بريطاني من عدن ، وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، بقيادة الجبهة القومية آنذاك ، الحزب الإشتراكي اليمني حالياً.
وبالرغم من ما مرت به ، الأوضاع أبان تلك المرحلة الدقيقة ، من إرهاصات ، إلا إنها مثلت حالة جيدة ، وذلك في إستعادة السيادة الوطنية ، والعمل على إعادة بناء الوطن ، وتنميته في كافة المجالات ، وبالإشارة إلى ما تقدم .. أود القول هنا إلى أن ال ٣٠ من نوفمبر ٦٧ م كان قد شكل أبان تلك الفترة التاريخية ، صفعة قوية ، ضد قوى الإستعمار الإمبريالي ، الصهيوني ، وحلفائهم بالمنطقة ، وذلك رداً على نكسة حزيران ٥ يونيو ٦٧ م حيث مثل ذلك الحدث التاريخي ، علامة مضيئة على المستوى المحلي ، والإقليمي ، والدولي ، لكونه يندرج في سياق حركة التحرر العربي ، والعالمي ، ومناهضاً لقوة الإستعمار وعملائهم.
ولذلك أعود.. وأقول.. إذا كنا اليوم نحتفي بهذه الذكرى فكان ينبغي علينا أن نحتفي بما أنجزته وحققته ، خلال العشر السنوات الماضية ، من سنوات الحرب ، التي مرت ولا تزال تعيشها اليمن حتى اللحظة .
وبالتالي ، كيف يمكن لنا أن نتصور الأوضاع في هذا الوطن ..؟
حقيقة لا يمكن مقارنتها ، بأي أوضاع أخرى بالمنطقة ، سوى في غزة ، ولبنان ، والسودان ، والمشكلة نحن في اليمن ، الكل يتآمر على الوطن ، إلا من رحم ربي ، ولذلك لنا أن نقول .. من خلال هذه المناسبة ، بأنه ليس هنالك من إنجاز أو عمل تحقق على مستوى الواقع ، سوى فرقعات وكلام فاضي ، وإهدار للمال العام ، بقدر من أن الأمور ذاهبة إلى الهاوية ، إذا لم يتم تداركها برؤية عقلانية ، لإن هنالك من لا يريد أن تصلح الأوضاع داخل هذا البلد ، بدليل ما هو حاصل حالياً ، حيث الأوضاع المعيشية والإقتصادية ، بلغت إلى حد لا يطاق ، جراء إرتفاع سعر الدولار ، والذي وصل حتى الآن إلى ٢٠٥٠ ريالاً ، مقابل الدولار ، خلافاً عن العملات الأجنبية الأخرى.
إذاً ، ماذا نقول عنك يا نوفمبر ، هل من جديد ..؟
لا شيء ، حيث تم تدمير كل ما أنجز سابقاً ، وحل مكانه الدمار والخراب ، والقتل ، والتشرد ، للمواطنيين ، وبروز المناطقية ، وإنتشار الأمراض الفتاكة ، وبالتالي ما أود قوله في الأخير ، هو ستظل مآثر هذه الذكرى باقية ، وسوف تنقشع عنها كل الغيوم ، والضباب المعتم عليها.
ولا نأمت أعين الجبناء ..