السبت 01 فبراير ,2025 الساعة: 08:50 مساءً
متابعات
كشف تقرير حقوقي موسّع صادر عن منظمة "سام للحقوق والحريات" عن انتهاكات جسيمة ارتكبتها جماعة الحوثي ضد سكان منطقة حنكة آل مسعود في محافظة البيضاء خلال يناير 2025، وأكد أن ما جرى في المنطقة يعد واحدة من أسوأ الجرائم التي شهدتها اليمن في السنوات الأخيرة، وسط صمت دولي مقلق.
وأشار التقرير، الذي جاء بعنوان "حنكة آل مسعود.. صرخات مدفونة تحت الأنقاض"، إلى حملة عسكرية عنيفة نفذتها جماعة الحوثي ضد السكان، تخللتها عمليات قصف جوي ومدفعي مكثف، وفرض حصار خانق، واعتقالات تعسفية، ونهب ممتلكات، وانتهاكات طالت النساء والأطفال.
واستعرض التقرير المكوّن من عشرة فروع السياق العام للأحداث، دوافع الحملة العسكرية، تفاصيل أيام الهجوم، إضافة إلى الانتهاكات المرتكبة، والآثار المترتبة على الحملة، وجهود الوساطات، ومواقف المجتمع المحلي والدولي، والتوصيات لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية.
وأورد أن محافظة البيضا شهدت تصعيدًا عسكريًا متكررًا من قبل جماعة الحوثي منذ عام 2014، حيث نفذت الجماعة حملات عسكرية ضد قرى قيفة، من بينها قرية خبزة والزوب وحمة صرار، ما أدى إلى سقوط مئات الضحايا المدنيين وتدمير عشرات المنازل.
وأضاف أن في يناير 2025، استهدفت جماعة الحوثي منطقة حنكة آل مسعود، التي تعد واحدة من أكبر التجمعات السكانية في مديرية القريشية، حيث يسكنها حوالي 10,000 نسمة، ويبلغ عدد المباني السكنية فيها نحو 1,800 منزل.
وبين التقرير أن دوافع الحملة العسكرية لجماعة الحوثية على المنطقة يأتي في إطار محاولة الجماعة فرض سيطرتها المطلقة على البيضاء، بعد رفض السكان تنفيذ مطالبها بتسليم أشخاص وصفتهم الجماعة بـ”المطلوبين”. كما استخدمت الجماعة ذريعة مكافحة الإرهاب لتبرير عمليتها العسكرية، متهمةً السكان المحليين بإيواء عناصر متطرفة.
وأوضح أن الحملة في حنكة آل مسعود ، أسفرت عن مقتل أكثر من 15 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة العشرات بجروح بليغة، مشيرا إلى أن القصف العشوائي والتدمير الممنهج، أسفر تدمير 10 منازل بشكل كامل، إضافة إلى إحراق مسجد ومدرسة لتحفيظ القرآن.
وأشارت المنظمة في تقريرها إلى توثيق حالات نهب لممتلكات المدنيين، شملت أموالًا ومجوهرات ومقتنيات ثمينة تقدر بعشرات الملايين من الريالات اليمنية، واعتقالات تعسفية شملت أكثر من 500 مدني، بينهم كبار سن وأطفال، ونُقل بعضهم إلى سجون مجهولة دون أي مسوغات قانونية.
ولفتت المنظمة إلى أن الجماعة عملت على إغلاق المدارس الدينية، وإجبار السكان على حضور دورات ثقافية طائفية، إضافة إلى استبدال خطباء المساجد بأفراد موالين لها.
ورصد التقرير أن استهداف الحوثيين للمساجد والمدارس الدينية، حيث طالبوا بإغلاق مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم واستبدال خطباء المساجد بأئمة موالين للجماعة.
وسرد تفاصيل أيام الحملة العسكرية التي بدأت يوم 5 يناير 2025، حيث فرضت جماعة الحوثي حصارًا مشددًا على المنطقة، ومنعت دخول المواد الغذائية والدوائية، وقطعت الاتصالات والإنترنت، مما جعل السكان في عزلة تامة.
وأشار إلى أن في 9 يناير، قصفت الجماعة المنطقة بالطائرات المسيّرة والأسلحة الثقيلة، مما أدى إلى احتراق منزل بالكامل وتضرر عشرات المنازل الأخرى، إضافة إلى إحراق مسجد القرية. وأسفر القصف عن مقتل شخصين وإصابة 11 آخرين، بينهم ثلاث نساء.
ووفقا للتقرير فإن جماعة الحوثي ارسلت في 10 يناير، تعزيزات عسكرية ضخمة، شملت دبابات وعربات مدرعة، كما قامت بإحكام السيطرة على مداخل المنطقة لمنع أي محاولة للهروب أو تلقي مساعدات من القرى المجاورة.
وأكد التقرير أن في 11 و12 يناير، نفذت الجماعة حملة اعتقالات واسعة طالت أكثر من 500 مدني، بينهم أطفال وكبار سن، وتم نقل المعتقلين إلى سجون في رداع وصنعاء وسط تقارير عن تعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب.
وبين التقرير أن الحملة المسلحة الحوثية تسببت في كارثة إنسانية وأضرار اقتصادية جسيمة، حيث فقد مئات السكان مصادر رزقهم بسبب تدمير مزارعهم وفرض حصار خانق عليهم. كما أجبر القصف والنزاع المسلح المئات من العائلات على النزوح القسري بحثًا عن الأمان، مما زاد من معاناة السكان في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة.
وأشار التقرير إلى جهود الوساطات القبلية، بقيادة الشيخ حسين أحمد حسين جرعون، التي سعت الي التفاوض مع جماعة الحوثي لوقف الحملة العسكرية، حيث عرض الأهالي تسليم بعض المطلوبين لتجنب التصعيد، لكن الحوثيين رفضوا واستمروا في حملتهم العسكرية.
وفي وقت لاحق، توصلت لجنة الوساطة إلى اتفاق للإفراج عن المعتقلين وتعويض السكان المتضررين، لكن جماعة الحوثي لم تلتزم بتنفيذ الاتفاق، وما زالت تحتجز عشرات المعتقلين حتى اللحظة، وفقا للتقرير.
ودعت منظمة سام، في ختام التقرير، المجتمع الدولي، رفع الحصار فورًا عن منطقة حنكة آل مسعود، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وفتح تحقيق دولي شفاف في الجرائم المرتكبة، وإحالة المسؤولين عنها إلى المحكمة الجنائية الدولية، وممارسة ضغوط دبلوماسية على جماعة الحوثي لإجبارها على احترام القانون الدولي، ودعم جهود توثيق الانتهاكات، وتكثيف حملات المناصرة لحماية المدنيين في اليمن.