الإثنين 13 أكتوبر ,2025 الساعة: 03:11 مساءً
أراهما في روحي لا ثورتين، بل فعل تحرير واحد لـ وجه الحرية اليمنية الأبدي. فـا لعين اليمنى اختزلت ظلم الماضي في طيف الإمامة البغيض، والعين اليسرى شقّت حاجز الاستعمار بـ بريق الأمل.
كان التحدي واحداً، لا يقبل القسمة: اجتثاث السرطان السلالي الذي توغل في الشمال، واقتلاع الوتد الاستعماري المغروس في الجنوب. لهذا، لم يكن شعار الجمهورية والوحدة مجرد هتاف، بل قَسَمٌ بأن روح اليمن لن تستقيم، ولن يُضاء مستقبله، ما لم يتنفس الصدران من رئة واحدة لا تعرف التفرقة.
وإلى اليوم، كلما انتشى القلب اليمني بـ عطر سبتمبر المُحرر، تسارعت دقاته شوقاً وابتهاجاً لـ شمس أكتوبر الدافئة. إنهما ليستا مجرّد تاريخين، بل هما الوتران اللذان عزفا سيمفونية الذات اليمنية الكبرى؛ ذات ترفض أن تكون مُهشّمة، وتُدرك بفطرتها أن الخلاص الأبدي يكمن في وحدة القلب، ووحدة القبلة، ووحدة المصير.
الآن، وأنا أحمل في أعماقي شمالاً التقط أنفاسه الأولى في فجر سبتمبر، وجنوباً اغتسل بفيض نضال أكتوبر، أُدرك أن الثورتين كانتا تعبيراً عن حقيقة واحدة لا تُخفيها السنون: أن اليمن كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
لقد علّمتنا سبتمبر وأكتوبر أن الثورة ليست مجرد وميض تاريخي ينطفئ، بل هي حالة دائمة من الرفض المُقدس للظلم. إنها العهد المكتوب على جدران القلب، كي نسلّمه شُعلةً لا تخبو لـ أجيال النور القادمة. الثورة استمرار، والوطن باقٍ، واليمن واحد لا يتجزأ... هذا هو الدرس الأبدي الذي ارتوى من دماء شهدائنا في كل شبر.
وإنني أُقسم، أن هذه الأرض التي أنجبت ثورتين توأمتين، تُخفي في شرايين طينها سراً أعمق من كل خلافات السياسيين وعثرات اللحظة. إنها وحدة مُعلنة في صوت الرصاصة الأولى، ومُقسم عليها بـ هَدير دماء الأجداد. هي قُدسية هذا التراب، من قمم صعدة الشماء حتى زُرقة بحر عدن المشتعل. اليمن واحد... هذه هي الوصية التي ورثناها عن الشهداء.
#اكتوبر-مجيد