الجمعة 04 سبتمبر ,2020 الساعة: 09:02 مساءً
على مدى الأسابيع والأشهر الماضية عاد الحوثيون لشن هجمات مكثفة ضد السعودية، في وقتٍ تبدو فيه سماء الإمارات خالية من أي تهديدٍ حوثي، على الرغم من أن أبوظبي والرياض تبدوان عدواً مشتركاً للمليشيا الموالية لإيران.
إلا أن حالة الغزل التي انتابت الإمارات تجاه إيران والحوثيين، خلال الأشهر الماضية، ربما قد أسهمت بشكل رئيسي في تهدئة التوتر بين أبوظبي والحوثيين، ومنع إحداث شرخ بين الطرفين.
ولعل التصالح بين طهران وأبوظبي، وانسحاب قوات الأخيرة من اليمن، قلل من خطورة أي هجمات ممكنة للحوثيين ضدها، مستفيدة في الوقت ذاته من المال الإيراني الموجود على أراضيها، الذي يمنع الحوثيين من توجيه أي ضربات باتجاهها خشية تضرر الاستثمار الإيراني.
تصعيد ضد السعودية
لم يتوقف الحوثيون عن تصعيدهم ضد المملكة العربية السعودية، رغم فترات متقطعة من الهدوء الذي يسود بين الجانبين بين الحين والآخر، بعدما عاود الحوثيون استهداف السعودية بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة.
وعاودت المليشيا الحوثية شن هجمات، بعد أسابيع قليلة من هدنة بسبب جائحة كورونا، واستهدفت مواقع عسكرية ومدنية في مطار نجران، وقاعدة الملك خالد الجوية، بعدد من طائرات قاصف (2k)، خلال شهر يوليو 2020.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل واصلت شن هجماتها مستهدفة مطارات ومواقع هامة، خلال شهر أغسطس 2020، في مقابل إعلان التحالف العربي تدمير عدد من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي أطلقتها جماعة الحوثي باتجاه السعودية.
وخلال سنوات الحرب الخمس الماضية، استباح الحوثيون الأراضي السعودية بمئات من الصواريخ والطائرات المسيرة التي سددت ضربات اقتصادية وسياسية موجعة للسلطات بالمملكة، بحسب محللين.
وكانت أكثر الهجمات الحوثية إيلاماً على السعودية بالطائرات المسيرة التي استهدفت، في سبتمبر من العام الماضي، معملين للنفط تابعين لشركة أرامكو في "بقيق" و"خريص"، وأثّرت الضربات على إنتاج نحو 5 ملايين برميل نفط يومياً، في حين شككت الرياض بالرواية الحوثية، متهمة طهران بشن تلك الهجمات.
لا هجمات على الإمارات
رغم أن الحوثيين نجحوا في إجراء تجربة صاروخية تصل إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي فإن مليشيا الحوثي لم تطلق أي صاروخ منذ منتصف عام 2019 باتجاه الإمارات.
وطرح ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي، تساؤلاً عن سر استمرار الهجمات ضد السعودية وتوقف الحوثيين عن مهاجمة الإمارات.
وقال "أقطاي" في مقال نشره في صحيفة "يني شفق" التركية، منتصف أغسطس الماضي: إن "الحوثيين في اليمن المدعومين من طهران مباشرة يوجهون صواريخهم التي يحصلون عليها نحو العاصمة السعودية الرياض، بيما لم نشهد صاروخاً واحداً حوثياً يوجه صوب الإمارات".
وأقر النظام الحاكم في الإمارات بتوصله إلى تفاهمات مع جماعة الحوثيين، حيث اعتبر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أن للحوثيين دوراً في مستقبل اليمن.
وادعى قرقاش في تغريدات له، في نوفمبر 2019، أن اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم من أبوظبي (5 نوفمبر 2019)، "يجب أن يأخذ في الاعتبار التطلعات المشروعة لجميع شرائح المجتمع اليمني، ومن ضمنهم الحوثيون".
تخادم مشاريع
يعتقد الدكتور عبد الباقي شمسان، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، بوجود تخادم متكامل في الأهداف بين الحوثيين والإمارات.
ويرى أن استراتيجية الحوثيين وإيران مع التحالف تقوم على استنزاف السعودية والحكومة الشرعية باليمن، مقابل استثناء الإمارات من أي استهداف عسكري حتى داخل الأراضي اليمنية.
وأضاف شمسان: "الهدف الرئيس هو أن مشروع الإمارات في المناطق الجنوبية في اليمن يخدم المشروع الحوثي، ولذلك فإن استهداف السلطة الشرعية يحقق أهداف الحوثي؛ من خلال إيجاد نخب وأحزمة وبؤر صراع في الجنوب، وترك الحوثيين لتأسيس سلطتهم في المناطق الشمالية".
وأكد أن الحوثيين يبحثون من خلال هجماتهم على السعودية "الحصول على حوار مباشر معها، والتوصل إلى اتفاق مع المملكة وليس مع الشرعية، من خلال تجاوز الحكومة المعترف بها دولياً، ليضفي بذلك شرعية عليهم أمام المجتمع الدولي".
وتابع: "لذلك طالما أن الإمارات تخدم المشروع الحوثي لإضعاف الشرعية وأوجدت انقلاباً آخر في الجنوب لكي يتفرغوا لحكمهم في الشمال، فإنه بالمقابل لن يقوم الحوثيون باستهداف الإمارات أبداً".
مشروع مشترك
من جانبه يقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني د.عادل دشيلة، إن المشروع الإماراتي الإيراني واضح في المنطقة، ويسيران بنفس الطريق المرسوم لهما.
وأشار إلى أن الحوار الذي حدث بين الإماراتيين والإيرانيين عقب تفجيرات الفجيرة، مايو 2019، "كان بداية لإنهاء أي توتر بين الحوثيين والإمارات، حيث لم تشهد الأخيرة أي هجمات منذ ذلك الوقت حتى على قواتها داخل الأراضي اليمنية".
ويؤكد في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن التفاهمات بين إيران والإمارات "ضغطت على الحركة الحوثية التي لا تستهدف إلا السعودية حالياً"، مشيراً إلى أن الحوثيين "أداة بيد إيران في المنطقة مثلها مثل بقية أدوات طهران وتنفذ ما تريده".
ويشير إلى نقطة أخرى تتعلق بـ"الاستثمارات الإيرانية" في دبي، قال إنها كانت أحد أسباب إيقاف تلك الهجمات، مؤكداً في الوقت ذاته ما طرحه "شمسان" من أن هجمات الحوثي على المملكة "تهدف حالياً إلى الضغط على السعودية للاعتراف بالمليشيا والدخول معها في حوار سياسي وتقديم تنازلات لإنهاء تلك الهجمات".
حوارات سرية
في يوليو 2019، كشف نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم، عن وجود قنوات تواصل سرية بين الحوثيين والإمارات عبر إيران.
وقال "نعيم" في حوار مع قناة "الميادين": إن "هناك لقاءات تحصل بين مسؤولين من الإمارات ومسؤولين من الحوثيين لتنظيم خطوات لاحقة في عملية الانسحاب الإماراتي من اليمن".
وتابع: "هل توجد اتصالات بين الإمارات وإيران؟ معلوماتي أنه يوجد حوار ونقاش وتواصل دبلوماسي طبيعي بين إيران والإمارات، ولم ينقطع هذا الأمر، وحتى على مستوى أجهزة المخابرات فإنها تتواصل بعضها مع بعض. ما الحدود التي يناقشون فيها حول اليمن؟ هذا لا أعلمه".
حذر تقرير إيراني من خطورة "الأهداف غير المعلنة" لاتفاق التطبيع بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما تمكين الأخيرة من الحصول على موطئ قدم في الخليج، يهدد أمن طهران بشكل مباشر.
واعتبر التقرير، الصادر عن موقع "جاده إيران"، أن تلك الأهداف غير معلنة، بحسبه، "واضحة بالمعنى الجيوسياسي".
وأوضح أن الاتفاق ليس للسلام في ظل العلاقات الإسرائيلية الإماراتية الخفية والمعروفة منذ عقود، "وكذلك لم تطلق أبو ظبي طلقة أو تهديدا" للاحتلال منذ نشأتها.
وأضاف: "ومن هنا، فإن إعلان الاتفاق هدفه تهديد إيران بالدرجة الأولى، وفق ما يرى متابعون للشأن الإقليمي، حيث سيصبح لإسرائيل موطئ قدم في الإمارات، وبتعبير أوسع، في الخليج، وقد تفضي الاتفاقية بعد فترة إلى إنشاء قاعدة عسكرية وأمنية إسرائيلية مقابل إيران".
المصدر : الخليج اونلاين