السبت 21 نوفمبر ,2020 الساعة: 09:57 مساءً
الحرف 28- خاص- باسم الشعبي
تحدثت عدد من وسائل الاعلام الدولية والمحلية خلال اليومين الماضين عن حوارات غير مباشرة جرت بين السعودية والحوثيين ناقشت إمكانية إيقاف الحرب مقابل اقامة الحوثيين لمنطقة عازلة في الحدود مع السعودية تمنع عملية التسلل أو استخدام الأسلحة داخل أراضي المملكة.
وأمس الأول الجمعة نفى قيادي كبير في جماعة الحوثي أن يكون هناك اتفاق مع السعودية من أي نوع قائلا إن جماعته غير معنية بالمفاوضات مع السعودية بخصوص المنطقة العازلة.
وقال محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثي "لا مانع من مناقشة المنطقة العازلة مع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أو حكومته ان كانت السعودية تطمح بذلك".
وقالت مصادر مطلعة إن السعودية وافقت على إجراء حوار مباشر مع جماعة الحوثي يتمخض عنه وقف إطلاق النار في اليمن مع ضرورة موافقة الحوثيين على إقامة منطقة عازلة بين حدود شمال اليمن والمملكة قبل أن تدعم المملكة تشكيل حكومة انتقالية بين اليمنيين.
وقال مراقبون إن السعودية تتكي في ذلك على الإدارة الامريكية برئاسة ترامب في ممارسة الضغوط على جماعة الحوثي بعقد الحوار المرتقب وذلك قبل ان يتسلم جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة الامريكية.
وقالت المصادر إن الأمم المتحدة تعمل على ترتيب اجتماع مباشر قبل نهاية العام الحالي، فضلا عن اتفاق على إعلان مشترك يوقف جميع الأعمال المسلحة الجوية والبرية والبحرية.
وقال أحد المصادر إن أوروبا ستكون مكانا منطقيا لعقد هذا الاجتماع إذ أن الأمم المتحدة تسعى لعقد المحادثات على أرض محايدة.
سنوات من المحادثات
منذ اندلاع الحرب اليمنية وتدخل التحالف العربي العام 2015 جرت عدد من المباحثات السياسية سواء بين الحكومة اليمنية والحوثيين أو بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية غير أنها لم تفض الى شيء حتى الآن بل أن الحرب تزداد سعيرًا بعد كل مشاورات جديدة ويسقط معها عدد غير قليل من الضحايا وتشرد فيها الأسر من مناطق النزاعات.
ويبدو أن هذا السلوك الذي سلكته أطراف النزاع قد اضر تماما بالوضع في اليمن وعقد المشهد أكثر مما هو عليه حيث أصبح الناس لا يعولون على أية حوارات جديدة لانهم يدركون أن مآلها سيكون الفشل في الوقت الذي اثرت الحرب كثيرا من تجار الحروب الذين يرون في نهاية الحرب انتفاء مصالحهم التي يحصلون عليها من استمرار الحرب في ظل تفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية التي تطحن الشعب اليمني جنوبًا وشمالًا.
ومن جنيف إلى ستوكهولم جلس اليمنيون نحو اربع مرات متتالية على طاولات الحوار بهدف التوصل إلى حلول لوقف الحرب وانهاء الازمة التي تعصف بالشعب اليمني الا أن جميع هذه الحوارات فشلت وأصبحت مخرجاتها وبالا على الناس في ظل عدم قدرة المجتمع الدولي على الضغط على أطراف الصراع لاسيما على جماعة الحوثي للرضوخ لتنفيذ مخرجات مؤتمرات الحوار، وكان آخرها اتفاق ستوكهولم الذي افشلته جماعة الحوثي ولم تستطع الحكومة اليمنية ممارسة الضغط العسكري لإنفاذه بسبب التدخلات الخارجية.
ترتيبات جديدة
في الاخبار التي تناولتها وسائل الاعلام خلال اليومين الماضين تشير المعلومات إلى أن المملكة العربية السعودية ترتب لحوارات مع جماعة الحوثي بعيدة عن الحكومة اليمنية المعترف بها وقد دأبت السعودية على فعل ذلك في كل حواراتها مع الحوثيين التي بدأت في سلطنة عمان وبواسطة عمانية قبل ثلاثة أعوام تقريبا لكن هذه الحوارات هي الأخرى لم تتوصل إلى شيء.
ويرى مراقبون أن السعودية تريد أن تضمن أمنها قبل كل شيء فإذا ما حصلت على ذلك فإنها سوف ترغم الحكومة اليمنية على القبول بتسوية سياسية مع الحوثيين أياً كانت، غير أن الحوثيين يرفضون في كل مرة المقترحات السعودية ويعودون للحرب بعد كل جولة من المشاورات.
وترتبط السعودية بحدود طويلة مع اليمن من الجهة الشمالية لليمن والجنوبية للمملكة وقد شهدت الحدود السعودية هي الاخرى امتداد الحرب مع الحوثي وسقط خلال هذه الحرب ضحايا من الطرفين، وتقول المعلومات إن الحوثيين استطاعوا التوغل إلى داخل الاراضي السعودية أكثر من مرة، الأمر الذي دفع السعودية لاستقدام مقاتلين يمنيين معظمهم من جنوب اليمن لحماية حدودها التي أصبحت مهددة بتوغل الحوثيين، وتأتي توجهات السعودية الأخيرة ببناء منطقة عازلة في إطار رغبتها بمنع توغل قوات الحوثي في أراضيها الا أن الحوثيين يرفضون ذلك بينما يرى نشطاء يمنيون أنه إذا أرادت السعودية إقامة منطقة عازلة، فليكن ذلك في أراضيها وليس في أراضي اليمن.
سبع سنوات تكاد تنقضي من الحرب والحوثيون في موضع المهاجم رغم التحالف الكبير الذي تأسس لمقاتلتهم، ويعتقد المتابعون أن الحرب منحت جماعة الحوثي قوة إضافية.
ويرى محللون سياسيون أن الهدف من نشر الخبر المشار اليه هو استباق السعودية للأحداث قبل تسلم الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن لمهامه، بالتالي تريد أن تظهر بأنها تسير نحو إيقاف الحرب في اليمن قبل أن يعلن الرئيس الأمريكي المرتقب ذلك.
خطورة بالغة
وفي ظل اهتمام السعودية بحدودها مع اليمن بعيدًا عن استعادة الدولة اليمنية وتحقيق أهداف عاصفة الحزم فإن نشطاء يمنيين يرون أن المنطقة العازلة السعودية تمثل خطورة بالغة على اليمن فهي تمنعه من التنقيب عن النفط لاسيما في الجوف فضلًا عن التوغل في الحدود اليمنية في صورة لا يراعى فيها مصالح اليمن ولا تطلعات اليمنيين بوقف الحرب واستعادة الدولة والحفاظ على مكتسباتها.
أن الحوار الثنائي بين المملكة والحوثيين هو الأخر يشكل خطورة كبيرة كما يرى مراقبون لأن إيقاف الحرب مقابل الحفاظ على الحدود يعد نكوصا عن أهداف عاصفة الحزم في الوقت الذي يمنح الحوثي دورة تنشيطية جديدة للتوسع والبقاء ومن المتوقع أن يقبل الحوثيون بحماية الحدود السعودية مقابل الاعتراف بهم من قبل المملكة كون الحوثيين يتطلعون لإقامة مملكة جديدة في شمال اليمن.
كما تعمل السعودية جاهدة على وقف الهجمات الحوثية على منشآتها ومناطقها السكنية حيث أدت الهجمات الحوثية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية التي أثارت الرعب في نفوس السكان فضلا عن الخسائر التي تتسبب بها كما حدث في منشآت النفط التابعة لشركة أرامكوا قبل أشهر حيث تسبب ذلك بوقف خمسة ملايين برميل من النفط.
وبعد التسريبات التي أرادت السعودية اختبار موقف الحوثيين بها حول المنطقة العازلة وإيقاف الحرب نفى عبدالله المعلمي مندوب السعودية الدائم في الأمم المتحدة أن بلاده تجري حوارا مع الحوثيين، وقال: "لا يوجد حوار مع الحوثيين حاليًا"، لافتًا الى أن الحديث عن منطقة عازلة سوف تبحثه السعودية مع الحكومة اليمنية الشرعية وليس مع الحوثيين؛ إذ أنه لم ينف رغبة السعودية بإقامة منطقة عازلة في الحدود مع اليمن وهو الأمر الذي أرادت من خلاله السعودية اختبار ردة فعل الحوثيين الذين رفضوا ذلك على لسان قيادي كبير في الجماعة.
إنهاء الحرب
مهما طال أمد الحرب لكن في الأخير لابد لها من نهاية وفي الوقت الذي يريد كل طرف انهاءها على هواه بما يحقق مكاسب سياسية واقتصادية له فإن مصلحة الشعب اليمني تضيع وسط كومة مصالح أطراف الصراع وهو الطرف صاحب المصلحة العليا في أي تغيير يحدث في البلاد.
تريد السعودية مناطق عازلة لحماية حدودها على الرغم من وجود المسيرات والصواريخ مع الحوثيين وتريد الشرعية العودة الى صنعاء ويريد الحوثي انتصارًا كبيرًا يليق بتضحياته، وهكذا يذهب كل طرف إلى ما يريد بينما الحرب تدخل عامها السابع لكن في المجمل سيمر هذا الزمان وسيكون للحرب نهاية تتوقف عندها، ويرى مراقبون أنه على جميع الأطراف التوجه إلى طاولة حوار جديدة متجردين من المصالح الأنانية ووضع مصلحة الشعب اليمني في المقدمة عندها سيكون الجميع امام مخرجات وطنية قد تمكنهم من وضع حد لهذه الحرب الملعونة.
الحرب خاسرة بالنسبة للأطراف اليمنية إذ لا يوجد طرف مستفيد فقد تدمرت البلاد واصبح اليمنيون بين نازح ومشرد وفقير وشهيد وعاجز وقعيد.. فهل آن الأوان لوضع حد نهائي لها؟!.