هل كررت الرياض سيناريو "الحريري" مع الرئيس هادي؟... الحرف 28 يتتبع تفاصيل كواليس الطبخة السعودية الإماراتية
السبت 09 أبريل ,2022 الساعة: 02:36 صباحاً
الحرف28 - تقرير خاص

حتى اللحظة، لا تزال الظروف المحيطة بالقرارات الصادرة عن الرئيس اليمني المقيم في الرياض عبد ربه منصور هادي غامضة، والمؤكد الوحيد بين كل الروايات، أن الرياض هي من يقف خلف تلك القرارات بما فيها الصيغة المعلنة من خلال كلمة مجتزأة للرئيس أكملها وزير الإعلام اليمني في الديوان الملكي السعودي.

وحاولت الحكومة السعودية باستخدام الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تصوير الحدث المفاجئ بأنه قرارات محضة للرئيس اليمني قضت بإعفاء نائبه ونقل سلطته لمجلس رئاسي مكون من8 أشخاص، كجزء من نتائج مشاورات واسعة رعاها المجلس.

واحتضنت العاصمة السعودية مشاورات يمنية يمنية تحت لافتة بحث سلام شامل في البلاد التي تمزقها الحرب، لكن اليوم الأخير فجر مفاجأة كبيرة ثبت أن المشاركون في المشاورات لم يكونوا على علم بها حين جرى إعلان قرار الرئيس بإعفاء نائبه ونقل سلطته لمجلس رئاسي بينما كانت طبخة برنامج المشاورات لم تكتمل.

وأكد أمين عام حزب التجمع الوحدوي اليمني عبدالله عوبل وهو أحد المشاركين في المشاورات، أن الليلة الأخيرة من المشاورات قبل الإعلان كانت بصدد مناقشة عدد من المحاور بينها إصلاح مؤسسة الرئاسة والعلاقة مع التحالف، لكن المشاركين فوجئوا بإعلان قرار الرئيس عبر التليفزيون.

وكشفت صيغة البيان الرئاسي ومحتواه، سيما ما يتصل بتفاصيل الصلاحيات الممنوحة للمجلس الرئاسي المعلن عن مشروع سعودي إماراتي معد من فترة طويلة، حاولت الدولتان  تمريره تحت مسمى المشاورات، لتكون غطاء لطبخة سعودية إماراتية فرضت على الرئاسة، لكنهما لم يستطيعا الصبر أكثر ففرضاه كأمر واقع دون المرور بالمشاورات، ما يذكر بالطريقة التي اجبر بها رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري على الاستقالة عندما كان تحت الإقامة الجبرية في الرياض.

غير أن الروايات عن اللحظات الأخيرة قبل إعلان القرارات والإجراءات التي اتخذتها السلطات السعودية مع الرئيس هادي ومسؤولي الأحزاب السياسية والكواليس التي جرى من خلالها تمرير الرغبة السعودية الإماراتية، مازالت تتدفق وربما تتكشف على نحو أكثر تفصيلا خلال الأيام المقبلة.

الإعلامي المقرب، من أبناء الرئيس عبدربه منصور هادي، مختار الرحبي كشف  عمّا أسماها "القصة الحقيقية" لما جرى في الرياض قبل إعلان تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وقد استبقها بمنشورات تتساءل عن مصير الرئيس هادي ومكان تواجده.

وقال الرحبي في سلسلة تغريدات عبر تويتر، إنه "تم استدعاء كل القيادات السياسية للديوان الملكي، وتم عزلهم عن بعض من الساعة السابعة إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل دون معرفة أي تفاصيل عن ما حدث ويحدث".

وأضاف استدعي "الرئيس هادي إلى الديوان على غير العادة حيث يذهب محمد أو خالد بن سلمان إلى مقر إقامته".

وذكر أن "هادي وصل إلى الديوان الملكي مع أولاده والحارس الشخصي وبعض الموظفين. ثم تم عزل الرئيس عن كل المساعدين، مع منع كل وسائل الاتصال عن جميع من وصولوا إلى القصر وهو ما يدل على حدوث شيء كبير، هام، مفصلي وخطير"، حد تعبيره.

وأضاف "بدأ لقاء رئيس الجمهورية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في الساعة العاشرة مساءً. كان لقاءً ساخنًا، وكان كل شيء جاهز. طلب من الرئيس التوقيع على القرارات التي قيل له إن كل الأطراف السياسية قد وافقت عليها".

وبحسب الرحبي فقد "كان الخيار الأول أن يستمر الرئيس عبدربه رئيسًا للمجلس، لكن بدون صلاحيات"، لافتًا إلى أن هادي "رفض وفضل أن يخرج من المشهد إذا كانت تلك هي رغبة السعودية ورغبة جميع الأطراف السياسية كما قيل له من السعوديين. ثم طلب من الرئيس قراءة كل القرارات".

وأشار إلى أن "هادي رفض قراءة القرارات وتم الاتفاق أن يعلن القرار فقط. ثم استدعي وزير الإعلام معمر الإرياني لقراءة القرارات. رفض في البداية، وطلب لقاء الرئيس".

وأضاف "بعد أن قابل (الإرياني) هادي وبدوره أعطاه الإذن بقراءة تلك القرارات وهو ما حدث وتم بث تلك القرارات عبر القناة الرسمية".

وتابع: "تم إعلان قرار إقالة النائب علي محسن والإعلان عن بيان رئاسي في ظل عدم معرفة أي طرف سياسي. كل من كان في الديوان الملكي لا يعرفون أي شيء، ولم يسمح لهم بالخروج من الغرف المتواجدين فيها الا بعد إنهاء كل شيء".

وأشار إلى أنه بعد أن وقّع هادي على القرارات تم وضع كل القيادات السياسية أمام أمر واقع ولم تتح لهم أي فرصة للنقاش أو الرفض".

وفجر الخميس، ظهر هادي الذي يقيم في الرياض، بخطاب على التلفزيون الرسمي معلنًا عنه تفويض مجلس القيادة بكامل صلاحياته وفق الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

وتولى هادي رئاسة اليمن في عام 2012 في خطة انتقال سياسي دعمتها دول الخليج بعد احتجاجات الربيع العربي في عام 2011 التي أطاحت بالرئيس علي عبد الله صالح الذي قتل في وقت لاحق على يد المتمردين الحوثيين.

وبحسب الرحبي "أجري لقاء سريع مع الرئيس هادي قبل أن يعود إلى مقر إقامته. لكن أولاده، ومنهم ناصر وبعض المقربين، ظلوا إلى اليوم الثاني في الديوان دون معرفة بما حصل".

واعتبر مشاورات الرياض بأنها "مجرد غطاء فقط لهذه القرارات التي اتخذتها السعودية بعيدًا عن كل الأطراف، بما فيهم رئيس الجمهورية ونائبه وكل الأطراف السياسية".

وقال إن "هذا يدل على أن السعودية تريد التخلص من الشرعية والبدء بمشاورات مع جماعة الحوثي وإنهاء الحرب".

ولفت إلى أنه مصير هادي وعائلته لا يزال مجهولًا منذ أن غادر الديوان الملكي.

بدوره، قال أمين عام حزب التجمع الوحدوي اليمني، عبدالله عوبل، إن "الجلسة قبل الأخيرة كانت تتسم بالهدوء الذي يسبق العاصفة. وقد جاءت العاصفة بصورة مفاجئة لم يتوقعها أيا من التشاوريين".

واُختتمت المشاورات اليمنية – اليمنية، يوم الخميس بعد عشرة أيام من انعقادها، برعاية مجلس التعاون الخليجي، في غياب الحوثيين الذين يرفضون الانخراط في أي حوار إلى جانب السعودية.

وأضاف عوبل في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك، أن "جلسة ٦/٦ في نهايتها كانت بعرض مصفوفة القضايا والحلول والآليات". لافتًا إلى أن "النقطة رقم واحد، كانت إصلاح مؤسسة الرئاسة وذلك عن طريق إنشاء مجلس رئاسي يتولى قيادة المرحلة الانتقالية أو نائبين للرئيس واحد شمالي وآخر جنوبي".

وأردف: "أعترض (حزب) الاصلاح بشدة ليس على المقترحين، بل لماذا فقط عرضت مقترحين وأهملت بقية المقترحات ومنها نائب توافقي أو إعادة تكوين هيئة المستشارين".

وتابع: "تعطلت الجلسة فذهبنا جميعًا إلى الفنادق للإفطار (...) وبعد الإفطار بدأت الكولسة والترضيات"، حد تعبيره.

ووفق عوبل، "في الثامنة والنصف تم التواصل من قبل أمانة مجلس التعاون (الخليجي) مع فريق المحور السياسي".

وأشار إلى أن الأمانة لم تتواصل به وثلاثة آخرين ولم تبلغهم بحضور اللقاء المسائي مع الأمير خالد بن سلمان (نائب وزير الدفاع السعودي)، وأبلغتهم بالعودة إلى الفندق.

ويواصل عوبل قائلًا: "في التاسعة تحرك الفريق إلى فندق انتركونتننتال في البدء وقفت السيارات هناك حتى العاشرة، ومن ثم الحركة والوقوف في الشارع ثم إلى القصر الملكي الساعة الحادية عشر مساءا".

وأضاف "تم توزيع أعضاء اللجنة على غرف مكثوا هناك حتى الخامسة فجرا، وهناك حضر أحد موظفي المجلس ليقرأ عليهم قرار الرئيس حول نقل صلاحياته وطلب منهم التوقيع مباشرة".

وقادت السعودية تحالفا عسكريا في اليمن بزعم  دعم الرئيس الشرعي  المعترف به دوليًا عبدربه منصور هادي ضد الحوثيين منذ منتصف 2014، في حرب قتل وأصيب فيها مئات الآلاف وسببت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، قبل أن تقرر قبل أيام إزاحة الرئيس ونقل صلاحياته لمجلس رئاسي تسيطر على أغلبية مقاعده تشكيلات مسلحة لا تعترف بشرعية الرئيس هادي موالية للتحالف.


Create Account



Log In Your Account