اليمن اللزج بين الحوثي وليدركنج... الضحك على الدقون وسط النهار
الخميس 23 يونيو ,2022 الساعة: 04:39 مساءً


يقولون أن السلام قريب في اليمن.

أولا: من هم أطراف السلام؟
هل هو سلام بين رئاسة الشرعية والحوثي؟
لا.
هل هو سلام بين أي من الأحزاب: المؤتمر، الإصلاح، الناصري، الإشتراكي، السلفي، أو الأغلبية الصامتة وبين الحوثيين؟
لا.
هل هناك يمني يفهم اليمن يعتقد بأن الحوثي يريد أو يمكنه عقد سلام مع أي أحد خارج حاضنته وعصبياته؟
لا.
هل يمكن أن يقوم أي سلام بينما الحوثي يحتكر كل أوراق الضغط؟
لا.

السلام الوحيد الممكن
لم يبق معنا إلا السلام الوحيد الذي يمكن أن يقوم بعقده المبعوث الأمريكي تيم ليدركنج وهو السلام بين الحوثيين من جهة وبين مجاميع "المحايدين" و "السلامويين" الذين يصنعهم الأجانب شغل يد تحت تسميات "الناشطين" و "الجنوسة" و "المنظمات الحقوقية" و "المحللين" الممولين من الخارج والذين يتم زيادة حجمهم ونفخهم وترصيعهم أو اختراقهم ب "الحوثيين المتنكرين".

هؤلاء هم المطبلون مع ليدركنج بأنه يجب التفكير خارج الصندوق وأن السلام ممكن.
وهم ما يمكننا الآن أن ندشن إطلاق تسمية مبتكرة لأوهام السلام:

" السلام اللزج بين الحوثي وليدركنج ".

كل شيئ يدور في عملية التمهيد لهذا السلام "اللزج" المزمع إحلاله في اليمن، يحتاج لفهَّامة تشرح ما هو هذا السلام وكيف سيحدث هذا السلام ومن هم الذين سيتفقون على هذا السلام.

اجلس- لو سمحت- مع المفكرين والمحللين والميسرين والمسهلين الأجانب المروجين للسلام "اللزج" وبعدها ارجع واشرح لي- مشكورا- إن كنت فهمت حاجة أو حتى إن كان برؤوسهم أي حاجة أو إن كانوا فاهمين ما يدور برؤوس الحوثيين.

اجلس- لو سمحت- مع أنواع اليمنيين المُبتكَرين المُختَرَعِين المُصَنَّعين بشغل اليد من الأجانب تحت مسميات "المُيسِّرين" و "المسهِّلين" و "المحايدين" و "الناشطين" و "الحقوقيين" والذين بقدرة قادر يتم ترصيعهم ب "الحوثيين المتنكرين"، وبعدها سأسامحك إذا لم تعد لتشرح لي ماذا وجدت وفهمت.

ثانيا: ليدركنج يبتسم ويفتخر 

تكلم ليدركنج يوم أمس وابتسم.

المبعوث الأمريكي لليمن تيم ليدركنج، شارك مع أكثر من ٢٠٠ يمني في مهرجان السلام بالسويد قبل يومين مع مبعوث الأمم المتحدة لليمن ومبعوث السويد لليمن في التحضير لسلام لزج.

ليدركنج، يوم أمس، قال لصحيفة الشرق الأوسط السعودية:
"الرئيس بايدن مسرور جداً لرؤية أن هناك هدنة في اليمن تعود بفوائد ملموسة على الشعب اليمني".

كل صور ليدركنج مع المقابلة التي أجريت في السويد يبدو فيها ليدركنج ضاحكا وبابتسامات عريضة.

(دام الله السرور للرئيس بايدن والمبعوث ليدركنج)

سرور بايدن
نحن نعرف أن الرئيس چو بايدن في وضع حرج داخليا في أمريكا وخارجيا في مواجهة روسيا والصين، 
ويتمنى بايدن أن يلوح للشعب الأمريكي بأنه قد حقق نجاحا في السياسة الخارجية الأمريكية بعد كل هزائمهم المدوية في أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان وهو النجاح بإنهاء حرب اليمن بدون تكاليف على الأمريكيين وبدون إرسال أي قوات.

سرور ليدركنج
ونحن نعرف أن ليدركنج، قد ضغط على السعودية وبحسب قوله هو شخصيا في جلسة استماع علنية للكونجرس الأمريكي التي استجوبته أمامنا وأمام كل العالم؛
ونحن نعرف أن الحوثي قد دوَّخ ليدركنج السبع دوخات وأهانه مع جروندبرج عدة مرات وانتزع منهما الإثنين مكاسب وتنازلات؛
ويتمنى ليدركنج أن يتوج حياته الدبلوماسية بنجاح وشهرة وسمعة شخصية.
أو حتى يتمنى ليدركنج أن يتوقف الحوثي عن إهانته والتلاعب به شخصيا وأن يتوقف عن لعن بلاده.

ثالثا: ليدركنج وجروندبرج 

وقال ليدركنج: "الدبلوماسية الأميركية دعمت بقوة العملية التي تقودها الأمم المتحدة".
كل مبعوث من الأمم المتحدة لليمن أو لأي بلد في العالم، قد فشل.
وعندما تفشل أمريكا فإنها تقول أن الأمم المتحدة هي الفاشلة.
وعندما تكون هناك حركة فإن أمريكا لا تجعل أي أحد ينسى أو يتجاهل أن الفضل إنما هو للدبلوماسية الأمريكية.

 ليدركنج، كان يقدم جروندبرج مع الحوثي ويتستر بأن من يحاول إحلال السلام إنما هو الأمم المتحدة.
واليوم، يفتخر بأن الدبلوماسية الأمريكية هي من يعمل كل هذا وأن الرئيس بايدن، سينهي المسألة مع ولي العهد السعودي في زيارته للرياض الشهر القادم.

ماذا فعل ليدركنج، ليبتسم ويفتخر؟

نحن نعرف بأنه لولا أمريكا، لما كان هناك أي دور للأمم المتحدة ولا لمبعوثها هانس جروندبرج.
أمريكا، هي التي تُسيِّر الأمم المتحدة.
ليدركنج، هو الذي يُسيِّر جروندبرج.

وفي الحقيقة كل ما عملته أمريكا هي أنها ضغطت على السعودية لتقبل إدخال شحنات نفط إيرانية مجانية للحوثيين من ميناء الحديدة بمئات الملايين من الدولارات وفتح مطار صنعاء.
وضغطت أمريكا على الشرعية لتقبل ما قبلت به السعودية.

جروندبرج، سلم الحوثي النفط ثم فتح مطار صنعاء وبعد ذلك هرب ولم يفتح معابر تعز أو يفك حصارها.

المبعوث الأممي جروندبرج انضم إلى المبعوث الأمريكي ليدركنج في السويد في مهرجان للسلام عن اليمن وهما يفتخران بإنجازاتهما ويتناسيان أو يتعاميان عن خيبتهما وخيابتهما.

وبالمقابل لم تأخذ السعودية أو الشرعية أي مقابل.
هل المقابل هو توقف محاولات الحوثي الاستيلاء على مارب؟
هل المقابل التوقف عن ضرب أهداف داخل أراضي حليفتنا المملكة السعودية؟

هل هذه هدنة؟
هل هذا إيقاف للحرب؟

رابعا: جروندبرج يتنصل مقدما

أكيد أن ليدركنج يتذكر حركات الحوثي مع المبعوث الأممي السابق جريفثس وأنه قد ينتزع المكاسب ثم يهينهم كلهم كما أهان أمريكا وبريطانيا والسويد وجريفثس في اتفاق ستوكهولم المشؤوم.
ليدركنج، يتنصل مقدما من مسؤوليته عن الفشل المتوقع ويرمي بالمسؤولية- مقدما- على كل الأطراف.

هكذا "كل الأطراف".
ما الذي تستطيع الشرعية أو السعودية أن تقدماه فوق كل ما قد قدمتا من خضوع وتنازلات لمسايرة ليدركنج في حركاته وتحركاته وأوهامه بشأن السلام؟

ولا يتجرأ ليدركنج أن ينتقد الحوثي وحده، بل يجمعه مع كل الأطراف.
أي أطراف، يا ليدركنج؟

في نفس المقابلة لصحيفة الشرق الأوسط، يقول ليدركنج:
"ويمكننا حقاً البدء في تصور وقف إطلاق نار أكثر ديمومة. لكن هذه أولا وقبل كل شيء مسؤولية الأطراف نفسها. ويجب عليهم تنفيذ ما اتفقوا على تنفيذه".

يعني ليدركنج، يشرح لكم أنه إذا لم يتوقف الحوثي عن مهاجمة مارب ولم يفك الحصار عن تعز فإن المسؤولية تقع على الأطراف اليمنية وهو يقصد الحوثي بالطبع. 

بالتأكيد فإن ليدركنج لا يتوقع بأن الشرعية اليمنية أو السعودية ستنقضا الهدنة أو ستهاجمان الحوثيين لأنهما أصلا لا تقومان بأي شيئ من هذا القبيل منذ عدة سنين.

هذه الحرب وهذه الهدنة حوثية ١٠٠٪؜

الذي يشن هذه الحرب ولا يتوقف، هو الحوثي.
الذي أوقف هذه الحرب، هو الحوثي.
الذي يخترق هذه الهدنة، هو الحوثي.
الذي أخذ المكاسب مقابل هذه الهدنة، هو الحوثي.
الذي سيشعل فتيل الحرب مرة أخرى، هو الحوثي.
الذي يتلقى مراضاة أمريكا، هو الحوثي.

الجميع يعرفون بأن الشرعية والسعودية، لا يريدون الحرب.

فلماذا إذن يطالب ليدركنج كل الأطراف بتحمل مسؤولياتها.

نحن نعرف ونرى ونشاهد الطرف الحوثي وهو يشن الحرب ونرى طرف ليدركنج وأمريكا وهم يراضون الحوثي.
ولا نشاهد دور طرف الشرعية ولا طرف السعودية في شن هذه الحرب فقد توقفوا عن هذه الأمور من زمان.
وقد انتكست أوضاعنا إلى حال بائس يائس يغمرنا فيه الشعور بالفرحة عندما يتمكنون من صد هجمة حوثية أو الدفاع عن أنفسهم.

الحوثي هو الذي يهاجم وهو الذي يتغنوج ويتدلل على ليدركنج ويتلقى المكاسب والمراضاة منه.

ليدركنج، يريد أن يفتخر بأنه هو الذي أوقف هذه الحرب بالضغط على السعودية والشرعية من جهة وبمراضاة الحوثي بالمكاسب من جهة أخرى ولكنه يريد أن يتملص من فشله المتوقع عندما تندلع الحرب من جديد.

ثانيا: الحوثي سيشعل الحرب من جديد
نحن نفهم الأمر ببساطة ولكن ليدركنج إما لا يفهم أو يستعبط ويتغابى ويتصنع عدم الفهم.

١- الحوثي، لا يلعب
الحوثيون، لم يشعلوا هذه الحرب للعبث والتسلية.
الحوثيون، يعيشون فرصة العمر وفرصة كل الدهور والعصور. 
الحوثيون خرجوا في مهمة إما ليحصلوا على كل شيئ أو يختفوا ولا يبقى منهم أي شيئ.
وهم بالتأكيد لا يريدون أن يختفوا.
الذي لا يعرف هذا عن الحوثيين، فهو لا يفهم عن اليمن أي شيئ.
ليدركنج لا يعرف عن الحوثيين أي شيئ ولا ماذا يريدون باليمن وباليمنيين.
ولا يعرف هذا الأمريكي عن مدى رفضنا للحوثي ولا يعرف عن روح اليمن أي شيئ.

٢- الحوثي، يستهين بخصومه

الحوثيون، لا يرون شيئا مرصوصا متجانسا متوافقا يتصدى لهم.
الحوثيون، متأكدون بأن من يقاومهم بلا قوة وبلا سند.

الحوثيون، على يقين بأنهم سيُخضعون ويُركِّعون ويستعبدون كل خصومهم الواحد بعد الآخر.

مادام الحوثي في مهمة تاريخية ومادام متأكد من ضعف خصومه، فإنه سيشعل الحرب من جديد ليحصل على كل شيئ.
ثالثا: اليمنيون يتوجسون شرا من ليدركنج
اليمنيون، يتعرضون لضغوط من ليدركنج وأمريكا ليستسلموا للحوثيين.
اليمنيون، يشاهدون ليدركنج وأمريكا وهم يراضون الحوثيين المراضاة بعد الأخرى.
اليمنيون، لم يحصلوا على أي فائدة من ليدركنج وأمريكا.
اليمنيون، متأكدون ١٠٠٪؜ بأنه لن تكون هناك أي مفاوضات لحل سلمي نهائي شامل.
اليمنيون، متأكدون بأن ليدركنج وأمريكا سيكررون في اليمن نفس الأفعال النكراء التي قاموا بها في إتفاق ستوكهولم وفي لبنان وسوريا والعراق وانتهت بتسليم تلك البلدان فريسة لإيران وميليشياتها.

رابعا: سلام لزج بين الحوثي وليدركنج

هذا السلام المزعوم الذي تتكلم أمريكا عن أنها ستعقده في اليمن، ليس بيننا وبين الحوثيين.
هذا السلام المزعوم، موجود فقط في خيال ليدركنج وبايدن وأمريكا بينما الحوثي يلعب بهم ويتلاعب بهم.
هذا السلام المزعوم، سيظل مزعوما ولن يتحقق.
هذا سلام لزج بين الحوثي وليدركنج.


Create Account



Log In Your Account