وثيقة رسمية تفضح أكبر ملفات الفساد في وزارة الخارجية : 750 مليون دولار منهوبة وشركات خاصة بأموال عامة وتعيينات لأقارب
الأربعاء 30 أبريل ,2025 الساعة: 05:49 مساءً
الحرف28- خاص

كشف تقرير رسمي صادر عن لجنة الحوكمة والإدارة في وزارة الخارجية اليمنية عن أكبر ملفات الفساد التي شهدتها البلاد في مؤسساتها السيادية، حيث أظهر التقرير – الموجه إلى رئاسة مجلس النواب – تجاوزات مالية وإدارية جسيمة في وزارة الخارجية وبعثاتها الخارجية، قُدرت كلفتها على الدولة بأكثر من 750 مليون دولار خلال الفترة من أبريل 2015 وحتى عام 2022. 

اللجنة التي أعدت التقرير قالت انها عملت بمهنية وحيادية عالية، واستعانت بكوادر من الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وتمكنت من الوصول إلى بيانات دقيقة شملت مختلف البعثات الدبلوماسية والسفارات اليمنية حول العالم. 

دخل إضافي خارج خزينة الدولة 

أبرز ما كشفه التقرير هو ما يُعرف بـ"الدخل الإضافي"، وهو إيراد لا يُحتسب ضمن دخل الدولة ولا يُورّد إلى خزينة المالية العامة، ويتم تحصيله في السفارات والبعثات عبر طباعة سندات خاصة. 

وقد تبين، وفق تقرير اللجنة، أنه يتم إرسال هذه المبالغ لحسابات خاصة باسم وزارة الخارجية في الرياض، بدلاً من توريدها إلى البنك المركزي، ويتم الصرف منها بمعرفة وكيل الوزارة للشؤون المالية والإدارية السفير أحمد عبدالله أوسان العود، منذ أبريل 2015 وحتى الآن. 

منح خارجية ومخصصات دبلوماسية 
وفق ما أورد التقرير، الذي حصل "الحرف28" على نسخة منه، تم الاستيلاء على موارد مالية من ميزانيات بعض البعثات، واستقطاعات من بدلات مستحقة لأعضاء البعثات، بالإضافة إلى التلاعب بمبالغ مالية مدرجة في المنح المقدمة من دولة قطر والمملكة العربية السعودية لوزارة الخارجية، خلال الفترة من 2015 حتى 2017.

شركات خاصة في الخارج 

ومن بين الحقائق المثبتة التي كشفها التقرير، قيام السفير العود بتأسيس عدد من الشركات التجارية في أوروبا، أبرزها: 

• شركة في بولندا باسم “IMZIG.P”، يملكها السفير العود، وتدار من قبل موظف السفارة اليمنية في بولندا منصور محمد خالد الكثيري، والذي يتقاضى راتبًا منذ 2015 رغم انتهاء فترة ابتعاثه. 
• شركة الريان (Alrayan Berlin GmbH) في برلين، أُنشئت عام 2016 برأس مال 680 ألف يورو، وتفرعت منها شركات أخرى للنقل والعقارات والخدمات الطبية، بينما مديرها التنفيذي هو شخص يدعى نشوان الرجوي، موظف بالسفارة اليمنية. 
• شركة “Campany House” العقارية في برلين، تم تسجيلها في 7 أغسطس 2018، برأسمال قدره ربع مليون يورو، وتقوم بتأجير شقق للاجئين لصالح السلطات الألمانية، ويملكها السفير العود. 

محسوبيات وتوظيفات عائلية 

تقرير اللجنة رصد أيضًا تعيين أقارب وأصدقاء مسؤولين في مناصب دبلوماسية ومالية حساسة دون مؤهلات، ومن أبرز الأمثلة: 
• تعيين منصور محمد خالد الكثيري في سفارة بولندا منذ 2015 رغم انتهاء فترة عمله. 
• تعيين عبدالله محمد رشاد في قنصلية دبي منذ 2015. 
• تعيين عليوة صالح محمد وائل في برلين منذ 2017. 
كما تم رصد قرارات تعيين زوجة وشقيقة السفير باحاج سعيد أحمد في نيويورك وواشنطن بدرجات مستشار وبرواتب تفوق 7 آلاف دولار شهريًا، إضافة إلى تعيين أصدقاء آخرين بدرجات دبلوماسية دون مؤهلات (بينها دبلوم محاسبة، أو تعليم ابتدائي). 

تعطيل قانون السلك الدبلوماسي 

منذ نقل مقر الوزارة إلى الرياض عام 2015، جرى تعطيل العمل بقانون السلك الدبلوماسي، وتم إسناد مهمة لجنة السلك الدبلوماسي إلى وكيل الوزارة العود، الذي استغل غياب آلية الرقابة، وأجرى تعيينات واسعة مخالفة للقانون، ما أدى إلى تضخم البعثات الخارجية وزيادة الضغط على ميزانية الدولة، وفق التقرير 

حجم الضرر المالي 

قدّر خبراء مختصون استعانت بهم اللجنة حجم الأموال المنهوبة والمهدرة بأكثر من 750 مليون دولار، نتيجة هذا الفساد المتراكم، منذ أبريل 2015 وحتى نهاية 2022، في ظل غياب الحوكمة والنزاهة داخل الوزارة. 

خلص التقرير إلى أن هذا الفساد الواسع "حرم المواطن من أبسط حقوقه في الخدمات الأساسية"، في الوقت الذي "يتقاضى فيه الفاسدون رواتب وامتيازات من المال العام دون وجه حق". 

توصيات اللجنة 

أوصت اللجنة في التقرير بعدد من الإجراءات الحاسمة، أهمها : إقالة وإحالة السفير أحمد عبدالله أوسان العود إلى التحقيق القضائي، وتجميد مرتبات وميزانيات البعثات مؤقتًا لحين التدقيق فيها، وإغلاق الحساب الخاص بالخارجية في الرياض وتحويل الأموال مباشرة إلى البنك المركزي في عدن. 

كما أوصت بالتواصل مع السعودية والإمارات ودول أوروبية لتجميد الأصول المرتبطة بالمسؤولين واستعادة الأموال، وتشكيل لجنة قضائية ومالية مستقلة لمتابعة القضية واسترداد الأموال المنهوبة.


Create Account



Log In Your Account