الأربعاء 04 يونيو ,2025 الساعة: 05:48 مساءً
يعيش اليمن عصر الدويلات، كل دويلة هي مستعمرة لدولة أخرى. لا قادة، هناك موظفون بدرجات مختلفة. لا فرسان ولا كتائب، لا راية ولا تمثال، كانوا جميعهم في الصورة حين جاء الخبر السيء عن صنعاء.
بينما يتعرض الحوتي لهجوم أميركي قال رجال الشرعية إن "طارق" مخترق، وأن جيشه قائم على الراتب لا على مدونة عسكرية. قال رجال من جيشه إن الشرعية كيان عسكري وهمي. وقال قادة الانتقالي "لا حرب وحضرموت محتلة". وقال السماسرة "الإخوان سيكسبون إذا انهار الحوتي"، وقال الإخوان إن الأمر كله بيد الله، وهم يرونه في يد غيره.
لا حرب ولا أسفلت. الرئيس المغترب، عبد العليمي، يعلم الحقيقة: الحرب بحاجة لتمويل، والسعودية لن تنفق مجدداً على أي معركة، لديها ما يكفي من المشاريع العالقة والمفتوحة، وباتت ترى أنه بالإمكان احتواء "شيعة الشوارع" بوسائل غير قتالية.
لا حرب ولا أسفلت، لا رجال للمعركة ولا مال للأسفلت. الرئيس المهاجر ينطق حرف الدال بطريقة غريبة وهذا أسوأ من مضمون تصريحاته. الحرب إيقاع، الحرب لغة، الحرب نبرة، ودال العليمي ثغرة في الحصن.
تاه الانتقالي ولم يعد قادراً على استكمال حلم الدولة. بعد عقد من الزمن انكشف أمام "الشعب الثالث". قواته تهيمن على عدد من المدن ولا تتحمل المسؤولية. امتلكت النفوذ ولا تدري ما تفعل به. ذهابا وإياباً في المدرعات، انتظر وعد أبي مهياط بالدولة، ومهياط لا يمكنه الوفاء بوعد خطير كهذا. مؤخراً قال الزبيدي إن الدولة التي يحلم بها ربما سيسميها جمهورية اليمن، اليمن الشعبية. ولكنها ستكون للجنوبيين وليس لليمنيين. عبد الزبيدي لا يملك من أمره شيئا، مثل عبدالعليمي وعبدالملك وعبدالأشياء الأخرى. كثيرون والله، كثيرون جدّاً ولا هم للبيع ولا هم للشراء، ولا هم للسمرة ولا هم للصّراب.
عقد من الزمن مرّ منذ عاصفة الحزم، وهاهم القادة أمامكم، بحجم علب التونة. لا تنتظروا أحداً، لا الحرب ولا الاستقلال، لا الأسفلت ولا الطائرة الرابعة. الكلمة لأبو مهياط، وهو رجل سعودي، وهو رجل إماراتي، وهو رجل إيراني. أما الرجال الذين يتحدثون كقادة، وتصفق لهم الجماهير، فهم جند مهياط، لو أوقف رواتبهم لذهبوا أيدي سبا.
من لا يملك قوته، من لا ينتج خبزه، من لا يصنع قرشه بكد عرقه لا يملك قراره. والحرب قرار، الحرب استقلال، الحرب أن لا تستأذن الغرباء ولا تجلس في انتظار الحصاد.
أخذ مهياط البلاد وسفلت شارعين، وأخذ البلاد وأهدى مسيرتين انتحاريتين، وأخذ البلاد وقال للعليمي يا فخامة الرئيس. اليمن بائس ومسكين، وكما قال شاعرها قبل الآن "لو كان علي سالم وحيدر نصارى، عاد في صنعاء سعيد اليهودي". الرجال الكبار غرباء عن البلاد شكلا وموضوعاً، في عدن وفي صنعاء. ومهياط يعلم أن الرجولة درجات وخانات. عبدالملك يعرف، عبد العليمي يعرف، عبد الزبيدي يعرف، ويد مهياط فوق أيديهم.
اليوم أسفلت وغداً نجلس في انتظار مدرعة تمشي عليه. والحرب لا تأتي من الأسفلت، تأتي من الغضب والفداء. قدمتْ طفلتي عرضاً في مدرستها عن جان دارك، قالت في عرضها: في ال ١٣ من عمرها سمعت جان دارك صوتاً يقول لها انقذي فرنسا، وفي ال١٤ تعلمت القتال، وفي ال١٨ حررت أورليانز وما حولها، وفي ١٩ قتلها الإنجليز بتهمة السحر. كانت ساحرة، سحرت شعبها بفدائيتها.
لو استأذنت جان دارك الأب مهياط لقال لها "سوي لنا قهوة وفكك من هالسالفة". عبد العليمي يصنع القهوة، عبدالزبيدي كذلك، وعبدالملك يقدمها ولا يشربها. بلاد شذر مذر، الرجال بحجم علب التونة والمصيبة بحجم النبي شعيب، بارتفاع جبله. لا تنتظروا أحداً، انتظروا الأيام. بعد أن تأتي عليهم وتأخذهم في معيتها سيولد جيل قادر على التواصل مع نفسه، متخففاً من ديون أبي مهياط، يخجل من هذه الساعات،، ويعرف معنى أن تكون "أورليانز" حرة.
اليوم تمر،
وغداً أمر.
نقلا عن صفحة الكاتب