الخميس 28 أُغسطس ,2025 الساعة: 04:42 مساءً
لايختلف اثنان أن معاناة محافطة تعز و المتمثلة في الحرمان
والحصار وعدم التحرير
والخلايا النائمة وتمزيق نسيجها المجتمعي وتقطيع خارطتها الجغرافية وهنا يبرز السؤال:
(لماذا تعز )؟
ومن خلال الحلقات السابقة يمكننا تحديد أسباب معاناة تعز الى سببين رئيسين:
السبب الاول:
معانات تعز هي عقوبة لها بسبب مواقفها الوطنية المستمرة !
السبب الثاني:
أن محافظة تعز تمتلك مشروع دولة، وهذا يعني أن تضحيات تعز ليست مغامرات لا وجهة لها وإنما هي تضحيات في سبيل (مشروع دولة)!
فماهي معالم ومقومات مشروع الدولة؟
معالم المشروع :
1- مشروع الدولة حاضر في ذهنية أبناء تعز .
2 - مشروع الدولة لم يولد فجأة، أاعني أنه ليس وليد ثورة11 فبرائر الشبابية السلمية،
وانما هو مشروع ظل يختمر في الذهنية التعزية منذ عقود!
3 - نضجت فكرة مشروع الدولة واتسقت معالمة وتحددت مقوماته كلما برزت صورة من صور الحرمان خلال العقود الماضية..!
4 - ترسخ مشروع الدولة وأصبح يتمتع بزخم ضارب فكرياً وثقافياً في أعماق الذهنية التعزية من جهة.
5 - تجسد عملياً في صورته الأولية من خلال الواقع المعيش من جهة ثانية.
مقومات المشروع:
1- الموقع الجغرافي
غير خافٍ على المهتمين أن تعز تتميز بموقعها الجغرافي بحرياً، كما أنها تتمتع بحيز جغرافي متوسط بين المحافظات الجنوبية والشمالية.
2 - انتشار التعليم مبكراً في تعز وعلى الرغم من الانتكاسات القاتلة التي مني بها التعليم في اليمن عموماً، لكن أبناء محافظة تعز لهم الحضور القوي على مستوى محافظات الجمهوية في مجالات ومرافق شتى؛ الأمر الذي دفع كثيراً من المراقبين إلى القول بأن تعز هي
(الرافعة الوطنية)! أو هي رافعة الوطن..؟
3- من تعز انطلقت الشرارة الأولى لثورة 11فبرائر الشبابية السلمية.
4 - زخم الموارد المالية:
تمتاز محافظة تعز لوحدها بموارد ماليه كافية، سيما في ظل الادارة التكنولوجية، فالضرائب والجمارك يمثلان العمود الفقري للموارد، سيتم إيرادها مؤسسياً وبأحدث الوسائل التكنولوجية، الى جانب نزاهة اليد،
والرقابة الإدارية.
5 - اقليم الجند:
متاخمة تعز لمحافظة إب،يعني إضافة موارد مالية، ذلك أن كلتا المحافظتين تتمتعان بموارد سياحية متعددة، بدءً من وادي بنا، مروراً بجماليات مدينة إب وصولاً إلى العدين وإلى تخوم زبيد، وفي تعز السكون وبلابل ووادي حنا والضباب والمخا وجبل صبر وورزان وغيرها.
كما تتمتع المحافطتان بزخم سكاني غير عادي قياساً بنظيراتها.
6 - البنية التحتية إقتصادياً :
هذه إحدى الموارد المالية والتي تعتبر أبرز مقومات مشروع الدولة.
7 - مثال صغير ولافت:
اختصم اللصان..!
قبل اأسبوعين فقط من هذا التاريخ اختصم فريق تحصيل ضريبة القات رغم ضآلة الكمية الواصلة رسمياً، وقد كان القائمون يسددون للخزينة مبلغ400الف ريال يومياً!
ولما طرح موضوع التحصيل للتنافس بلغ الرقم 4 مليون ريال ونصف المليون يومياً!
باختصار :
الموارد كثيرة، و كفيلة بدعم مشروع الدولة!
وتفادياً للإطالة سأقدّم للقارئ دليلاً عملياً موجزاً نلخص فيه مدى الحضور الناضج لمشروع الدولة في تعز من زاوية قوة الإرادة، والإيمان بنجاح المشروع من خطواته الأولى، رغم قساوة الظرف وانهيار غالبية المحافظات..!
مشروع الدولة:
ياسين..وباليد حَجَرٌ :
1 - انهيار الجيش والأمن وإذعان غالبية المحافظات إذعاناً تاماً أمام مليشيا الانقلاب،
ولأن الكل يعلم سقوط القيم الوطنية وما نجم عنه من آثار كارثية، أبرزها الهلع والذعر في وجدان المجتمع بكافة أطيافه، عدا حملة
(مشروع الدولة) فماذا حصل؟
2- اشادة منير شفيق:
الأستاذ السياسي المخضرم الفلسطيني صاحب الدراسات الفائقة قدم قراءة عام2017 في جامعة مغارب في المملكة المغربية وهي دراسة جديرة بالاستماع لها ومما قاله باختصار حول انطلاق المؤتمرالقومي الإسلامي طيلة عقد ونصف، فقد كانت التجليات مشجعة جداً لكن الثورات المضادة للربيع العربي أفشلت الخطوات التالية، لكن إخواننا في اليمن التقطوا الفكرة وانطلقوا.. انتهى فحوى كلامه.
فقلت : هذا العملاق يدرك تماماً مايدور باليمن وأن تجربة اللقاء المشترك التي أشادبها ليس لها وجود إلا في تعز..!
فماذا في تعز.. ؟
3 - حوار جاد ومتفاني:
انضوى الوعي التعزي التواق إلى قيام دولة تحت راية اللقاء المشترك منذ وصول المليشيات الى تعز، وتبلور الوعي التعزي علي السير في ثلاثة خطوط متوازية.
أ - الإنعقاد الدائم للمشترك ومنظمات المجتمع المدني.
ب - إنطلاقة جادّة نحو الحوار مع مليشيا الانقلاب مستحضراً المثل الشعبي: ( اقرأياسين وبيدك حجر)
فتجسدت قراءة ياسين في فرز مجموعة للحوار
بقيادة بطل السلام الشهيد صادق منصور الحيدري رحمه الله.
استمر الحوار من مطلع اكتوبر 2014 حتى 29 مارس 2015 تقريباً.
تحريك مسيرات بقيادة شباب اسمها (مد)الميم ترمز الى (مواطن)
الدال يرمز الي( الدولة)
وأقوى مسيرة غير مسبوقة على الاطلاق.. شهدتها تعز كانت يوم 11 اكتوبر 2014. للأسف لم تنل حقها في التوثيق الإعلامي..!
ج- وباليد حجرٌ:
كان هذا هو المسار
الثالث الذي سلكه حملة مشروع الدولة فقد عمل فريق المشروع على تشكيل(غير معلن) اسمه مجلس تنسيق المقاومة من اعضاءاللقاء
المشترك ومعهم صحفيون ووجهاء
قبائل.
ظل المجلس يرتب أوراقه، مستحضراً الآية (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين..)
أعني كان الأمل حاضراً بقوة في نجاح الحوار، أو المقاومة.
4 - قلق، ارباك، خنق:
اشتد الضيق لدى المواطنين، إزاء الاستلاب المشهود والمسموع والتحليلات المتناقضة إعلامياً حول المحافظات الأخرى..
وفي ذات الوقت ازداد أعداد المليشيات واستعراضاتهم وسخرية قادتهم في مجالس قيادات ومشائخ النظام و تكررت السخريات ببنطلونات عيال تعز.
توالت اتفاقيات الحوار، وفشلها بعد دقائق من التوقيع، فردد المواطن تالياً للنص القرآني
( أوكلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم..) لأن قادة المليشيا، توزعت الأدوار فلان يوقع، وفلان يرفض؟!
تزايد أعداد المليشيا داخل وخارج مدينة تعز فاشتد حنق الشباب من الجنسين أولاً وكبار السن ثانياً.
حملة مشروع الدولة تميزوا بالهدوء وعدم أي تصريحات..!
5- رأس جبل الجليد:
قصة شاهدتها بنفسي في الحي المجاور لسكني، حيث كنت ماشياً فرأيت شابين متجاورين في سكنهما الأول ما رأيك، هل تنصحني اترك المدينة والى أين نتجه؟
الثاني: مافيش هروب نموت هنا!
وافترقا..وبكل هدوء.. دخلا سكنهما..!
6 - مرونة واعية :
وفق استراتيجية ذكية ومرنة تم إيكال المواجهة المرنة الى قيادة مجلس المقاومة،
فوجدت المليشيا أنها تصارع أشباحاً!
تلقت الضربات الموجعة من اللحظة الأولي في جبل جرة والزنوج والحجرية وصبر.
تم تطهير المدينة شيئاً فشيئاً وكم كانت المعارك مرعبة.
7 - شباب جبل جرة:
تعز هي الرافعة الوطنية،
فالشباب الذين كانوا الذراع الحديدي في كل جبهات تعز، وجبل جرة، نقلتهم قيادة المقاومه الى مأرب والجوف وميدي، فأبلوا بلاءً حسنا وارتقي منهم شهداء عن قناعة بمشروع الدولة..!
8 - ميري الشرعية طاغوت:
بدأ المواطن يتنفس من شاقوص ضيق، فسمع بقدوم أنصار الشريعة إلى مدينة تعز لقتال الطاغوت المتمثل في لباس (ميري الشرعية)؟
اتجه ثيران راية أنصار الشريعة والرايات السوداء وأكثرهم من الخلايا النائمة نحو ما أسموه بالطاغوت فقتلوا وذبحوا 282 جندي ومقاوم..!
9 - القبض على الدفّة:
حملة مشروع الدولة- وسط الأعاصير والأدخنه اللافحة والمنتنة، استطاعوا وضع اليد على دفة الموقف بحنكة واقتدار، من اللحظات الأولى..
10- قيام الجيش الوطني، ترقيماً وإعداداً و قيادة، ثم أعقبه قيام الشرطة العسكرية والأمن والنجدة.
واخيراً:
قيادات الأحزاب جلها من تعز، فهل مشروع الدولة التعزي كان السبب في حصار تعز؟
وهل اقتربنامعك أخي القارئ من الجواب المنطقي؟
نلتقي بعونه سبحانه.