الأحد 27 يوليو ,2025 الساعة: 07:11 مساءً

الحرف28 -متابعة خاصة
كشف وزير الخارجية اليمني الأسبق، الدكتور أبو بكر القربي، عن تفاصيل اللقاء الأخير الذي جمعه بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، حاملاً رسالة خاصة من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، قبل أسابيع من غزو العراق في 2003، في محاولة أخيرة لتجنيب بغداد الحرب الأميركية.
وقال القربي، في مقابلة موسعة مع صحيفة «الشرق الأوسط»، إن الرسالة اليمنية كانت واضحة، تدعو الرئيس العراقي إلى التعاون مع قرارات الأمم المتحدة لتفادي العدوان، مؤكداً أن صالح كان قلقاً من تداعيات الغزو على العراق والمنطقة العربية برمتها.
وأضاف: "أبلغتُ صدام حسين برسالة صالح التي ناشده فيها الحفاظ على إنجازات العراق وتفادي الحرب، فجاء رد صدام صلباً: (هذه معركة كرامة الأمة، وعلينا أن ندفع ثمنها)".
وأشار القربي إلى أن صدام، رغم امتنانه لموقف صالح، رفض الاستجابة لأي من المطالب الدولية التي رأى فيها انتقاصاً من كرامة بلاده والعرب، مؤكداً استعداده لتحمل العواقب.
ولفت القربي إلى أنه خاطب صدام ليس فقط بصفته وزيراً، بل كمواطن عربي يخشى ضياع العراق، قائلاً له: "المعركة لن تنتهي بالعدوان على العراق فقط، بل سندفع ثمنها جميعاً كعرب"، لكن الرئيس العراقي أصر على موقفه.
وأوضح القربي أن الرئيس صالح تألم كثيراً لرد صدام، وأدرك أن العراق ذاهب إلى المواجهة، معتبراً أن قرارات الحرب والسلم كانت في كثير من الدول العربية، ومنها العراق، بيد شخص واحد، وهو ما اعتبره أحد أسباب المآسي التي شهدها العالم العربي.
كما تطرّق القربي إلى علاقة صالح الخاصة بصدام، ووصفها بأنها كانت مبنية على كيمياء سياسية وموقف قومي مشترك من القضايا العربية، وخاصة الصراع مع إسرائيل.
وأشار إلى أن صالح لم يشعر بالخوف على مصيره الشخصي بعد غزو العراق، لكنه تأثر بشدة عندما أُعدم صدام حسين، خاصة لأن ذلك جرى في أول أيام عيد الأضحى، واعتبره مشهداً انتقامياً لا يليق بقائد عربي.
في السياق نفسه، استعرض القربي كيف تعامل اليمن مع تداعيات هجمات 11 سبتمبر 2001، وكيف سارع صالح إلى ترتيب زيارة لواشنطن لإقناع إدارة بوش بعدم تحميل اليمن مسؤولية الإرهاب.
وأكد أن اللقاء بين صالح وبوش كان أقرب إلى "مواجهة سياسية" لتبرئة ساحة اليمن، وأسفر عن التزام يمني بالتعاون في الحرب على الإرهاب دون المساس بالسيادة.
كما تحدث عن علاقات صالح القوية ببعض القادة العرب، خاصة الملك عبد الله بن عبد العزيز، والقادة في الصين وروسيا، لا سيما الرئيس فلاديمير بوتين، الذي أبدى تقديراً كبيراً لصالح ودعمه في مجال التسليح.
وختم القربي شهادته بالإشارة إلى خيبة الأمل من الأداء العربي الجماعي، وانقسامات الدول قبيل غزو العراق، مؤكداً أن كثيراً من المبادرات، كالمجلس العربي المشترك، فشلت بسبب غياب القرار الجماعي والمؤسساتي، وهي المعضلة التي ما تزال تعاني منها الدول العربية حتى اليوم.