الثلاثاء 30 سبتمبر ,2025 الساعة: 08:06 مساءً
يتواصل استغلال جماعة الحوثي لقطاع الاتصالات في اليمن كإحدى أهم أدواتها السياسية والأمنية والمالية، إذ لم يقتصر الأمر على تحصيل مليارات الريالات من عائداته لتمويل حربها، بل تجاوز ذلك إلى استخدام الإنترنت والاتصالات كوسيلة مباشرة لقمع اليمنيين ومصادرة حرياتهم.
خلال الأيام الماضية، وبالتزامن مع الذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر، أقدمت الجماعة على إبطاء الإنترنت وقطع الاتصالات في عدة محافظات منها صنعاء وإب وذمار وحجة والمحويت وعمران وريمة، في محاولة لعزل المواطنين ومنعهم من التعبير عن تمسكهم بالقيم الجمهورية.
وأكدت مصادر مطلعة، وفق الشرق الأوسط، أن أوامر صادرة من قيادات حوثية رفيعة وُجهت لشركتَي «تيليمن» و«يمن موبايل» بتخفيض جودة الخدمة ومراقبة المستخدمين، بالتوازي مع حملة اعتقالات واسعة طالت ناشطين وصحافيين ومثقفين.
لم يقتصر الأمر على التعطيل، إذ تلقى مشتركون رسائل نصية رسمية تدعوهم للمشاركة في فعاليات ذات صبغة طائفية، وتُحذر من "الانجرار وراء دعوات أعداء الثورة"، في إشارة إلى ذكرى سبتمبر. ويرى خبراء أن هذه الخطوة تعكس تحوّل قطاع الاتصالات إلى أداة رقابية بيد الحوثيين، تتيح لهم مراقبة النشاط المجتمعي وتوجيهه قسراً وفق أجندتهم.
اقتصادياً، يعد قطاع الاتصالات أحد أبرز مصادر الدخل للجماعة، حيث تسيطر على البنية التحتية الوطنية وتحتكر عوائد شركات الاتصالات العامة، وعلى رأسها "تيليمن" و"يمن موبايل". وتشير تقارير اقتصادية إلى أن هذه العوائد تُستخدم في تمويل العمليات العسكرية وتعزيز نفوذ الجماعة، بدلاً من تطوير الخدمة أو تحسين البنية التحتية المتهالكة.
سكان صنعاء أكدوا أن الإنترنت بات "رديئاً بشكل غير مسبوق"، ما أعاق إنجاز أعمالهم اليومية والتواصل مع أقاربهم، بينما اشتكى آخرون من انقطاع كامل للاتصالات في القرى النائية. ويصف ناشطون هذه الإجراءات بأنها "عقاب جماعي" يهدف إلى تكميم الأفواه ومنع أي شكل من أشكال المعارضة أو التعبير عن الرأي.
يرى مراقبون أن استهداف الحوثيين لقطاع الاتصالات يكشف عن هشاشة موقفهم السياسي وخوفهم من تحوّل المناسبات الوطنية، مثل ثورة 26 سبتمبر، إلى بؤر احتجاجية ضد مشروعهم. ويؤكد هؤلاء أن أي مساحة للتواصل أو تداول المعلومات تمثل خطراً حقيقياً على سلطة قائمة على العزلة والقمع.
وبهذا، يتحول قطاع يفترض أن يكون خدمياً وتنموياً، إلى سلاح بيد الحوثيين يُستخدم في قمع اليمنيين، ومصدر رئيسي لتمويل حرب تُفاقم معاناتهم، وسط دعوات حقوقية ومجتمعية بضرورة تحييد هذا القطاع وإعادته إلى مساره الطبيعي لخدمة الشعب اليمني.