الثلاثاء 15 يوليو ,2025 الساعة: 08:06 مساءً

الحرف 28 - تعز - خاص
يواجه مستشفى التعاون الطبي بمدينة تعز العديد من الأزمات المالية والإدارية التي تسببت بتراجع الخدمات وقادته إلى مشارف الإنهيار، وتوجع أصابع الإتهام إلى مديره الدكتور عبدالقوي الشميري بالتسبب في ذلك.
وتكشف مصادر مطلعة ووثائق رسمية حصل عليها موقع "الحرف28"، عن مخالفات مالية وإدارية جسيمة وعرقلة للمهام الرقابية من قبل مدير مستشفى التعاون حيث أحيلت العديد من القضايا إلى السلطة القضائية لكن المدير الشميري يرفض المثول أمامها.
تقول مصادر طبية بينهم موظفين في المستشفى إن المكاسب والإنجازات المهمة التي تحققت في عهد الإدارة السابقة للمستشفى خلال السنوات الماضية بقيادة الدكتور حبيب الأصبحي توشك أن تضيع بسبب المخالفات الجسيمة لمدير المستشفى الحالي الشميري.
وطبق المصادر والوثائق فإن الدكتور الشميري حول بعض ممتلكات المستشفى التي حصل عليها في عهد الادارة السابقة الى قطاع خاص، فضلاً عن التصرف بموارد واموال المستشفى بدون أي رقابة مالية وفرضه لنفسه مكافآت شهرية تتجاوز الالفين دولار، في حين يواجه الموظفون أوضاعاً معيشية صعبة مع بقاء رواتبهم بلا تحسين والتدهور المريع للعملة المحلية.
في الجانب الإداري تقول ذكرة صادرة عن مدير عام مكتب المالية بمحافظة تعز، بتاريخ 3 مارس 2024، إن إدارة المستشفى استمرت في تعطيل مهام ممثل وزارة المالية ورفضها الالتزام بالأنظمة واللوائح المالية النافذة.
ووفقا للمذكرة، امتنعت إدارة المستشفى عن توقيع كروت الحساب في البنك المركزي اليمني، ورفضت تنفيذ الاستقطاعات القانونية، ملوّحة باللجوء إلى الصرف المباشر من صندوق المستشفى في حال أصر ممثلو المالية على تطبيق الإجراءات الرسمية.
كما تجاهل مدير المستشفى، التوصيات الصادرة عن اللجنة الرقابية المكلفة من قبل المحافظة، إضافة إلى ملاحظات الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بشأن مخالفات تعود إلى عامي 2022 و2023، وهو ما يعد خرقا واضحا للتشريعات المالية، بحسب المذكرة ذاتها.
وفي مذكرة أخرى صادرة عن مكتب الشؤون القانونية وحقوق الإنسان بمحافظة تعز، قالت إن الشميري خالف التوجيهات الصادرة عن السلطة التنفيذية، ورفض تنفيذ قرار تمكين الموظف أحمد محمد قائد ناصر من أداء مهامه كرئيس لقسم الحسابات في المستشفى، واعتبر المكتب هذا التصرف "سلباً للصلاحيات القانونية" الممنوحة لممثلي وزارة المالية داخل المؤسسات الحكومية، محذراً من خطورة تجاهل القانون وتهميش الدور الرقابي.
وتضمنت الوثائق توجيهات من محافظ تعز المتهم هو الآخر بسلسلة من وقائع الفساد، تلزم إدارة المستشفى بإعادة ممثل المالية إلى عمله بعد إيقافه بشكل غير قانوني، إلى جانب قرار بإحالة مدير المستشفى إلى نيابة الأموال العامة للتحقيق في المخالفات المثبتة بحقه.
مكافآت شخصية.. ولجنة تكشف المخالفات
مصادر متطابقة قالت للحرف 28 إن الشميري، في أول يوم من استلامه لمنصبه، طلب مكافأة شهرية بقيمة ثلاثة آلاف دولار، إلا أن الطاقم الإداري رفض الطلب، مؤكدين أن المدير السابق لم يكن يتقاضى سوى 80 ألف ريال فقط.
وأضاف المصدر للحرف 28، أن الشميري بدأ لاحقا بسحب مبلغ 100 ألف ريال يوميا من صندوق المستشفى، وبعد نحو أربعة أشهر، قام بمنح نفسه مكافأة شهرية بمبلغ ألفي دولار، من محطة الأوكسجين (1000 دولار) ومن المستشفى (1000 دولار).
وبحسب المصادر، بعد تعطيل عمل المسؤول المالي، قام المدير بتكليف أحد المقربين منه للتوقيع على كافة الوثائق المالية، بما فيها استمارات الصرف، والمراجعة، والحسابات، في مخالفة صريحة للإجراءات الإدارية والمالية، كما أقدم على إعفاء الأطباء السوريين من الضرائب، وهو ما يعد مخالفة مالية صريحة.
المصادر ذاتها ذكرت أن الشميري طلب لاحقا من المحافظ توفير قيمة الديزل للمستشفى، فتم تشكيل لجنة من الجهات المختصة شملت المراجعة، والموارد المالية، والشؤون القانونية، ومكتب المالية، والخدمة المدنية، لمراجعة وتقييم إيرادات المستشفى.
وخلال عملية المراجعة، فوجئت اللجنة بحجم المخالفات الجسيمة المرتكبة، فأعدت تقريرا تم رفعه إلى المحافظ، الذي بدوره أحاله إلى مكتب الشؤون القانونية.
في مواجهة هذه الإجراءات، رفض مدير المستشفى الامتثال لاستدعاءات مكتب الشؤون القانونية، ما دفع المحافظ إلى إحالة الملف إلى نيابة الأموال العامة، والتي قامت بدورها بإحالته إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
وقد تواصل موقع "الحرف 28" مع الدكتور عبدالقوي الشميري لأخذ رده حول ما ورد في الوثائق والاتهامات من ارتكاب مخالفات إدارية ومالية، إلا أنه لم يرد على الاستفسارات.
التفريط بمحطة الأوكسجين
وفي واقعة أخرى، بحسب المصادر فقد أقدم مدير المستشفى على تسهيل عملية تمليك محطة الأوكسجين الطبي لمنظمة "الوصول"، دون احتساب قيمة المولد وقطع الغيار، رغم أن اللائحة الداخلية لمحطة التعاون لتوليد الأوكسجين الطبي تنص على أنها مال عام.
تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، أفاد أن قيمة محطة الأكسجين تبلغ 200,650 دولارا، دون احتساب تكاليف التجهيزات الأخرى.
ووفقا للمصدر، كانت إيرادات محطة الأوكسجين تشكل موردا مالياً رئيسيا للمستشفى، قبل وصول المدير الحالي، إلا أن هذه الإيرادات تراجعت إلى الصفر بعد استلامه للإدارة.
وبيّن تقرير مهندس المحطة، ووثائق ميدانية، تدهور مستوى نقاوة الأوكسجين إلى ما دون 50%، علماً بأن النسبة الصحية المقبولة لا يجب أن تقل عن 98%، وفقا للمصدر الذي قال إن الأمر تسبب في هروب المرضى والعملاء من المستشفى إلى مراكز صحية أخرى بسبب انعدام الصيانة وتدهور الخدمة.
ومعلوم أن محطة الأوكسجين كانت قد قُدمت لليمن كـمنحة قطرية - تركية مشتركة عام 2016، في ذروة الحرب والحصار الحوثي على المدينة، وكان يتم تشغيلها بكفاءة عالية، مع تقديم تقارير دورية ربع سنوية وسنوية ترسل إلى الجهات المانحة لضمان الشفافية.
غير أن المدير الحالي، بحسب المصادر، لجأ إلى مسرحية تسليم المحطة إلى منظمة وصول، بالتواطؤ مع بعض الأطراف داخل المنظمة، للاستيلاء على إيراداتها واستخدامها لأغراض شخصية، بعيداً عن رقابة الجهات الحكومية.
المصادر اكدت للحرف 28، أنه عند تسليم المحطة للإدارة الجديدة، كان في صندوقها( إثنين وستين مليون ريال، واربعة عشر ألف وخمسمائة دولار، وخمسة ألف ريال سعودي)إيرادات سنتين ذهبت كلها إلى جيوب خاصة.
واتهمت المصادر الدكتور عبدالقوي الشميري بـاستغلال منصبه للاستيلاء على المال العام أو تسهيل ذلك لآخرين، وهو ما يقع تحت طائلة الجرائم المالية ويتطلب المساءلة القانونية.