الثلاثاء 15 يوليو ,2025 الساعة: 08:45 مساءً

الحرف28 - خاص
في فضيحة جديدة تضاف إلى سجل التجاوزات الأممية في اليمن، كشفت تقارير، عن تفاصيل صادمة تتعلق ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وتمويله المباشر لتشغيل ناقلة النفط "نوتيكا"، التي انتهت في قبضة مليشيا الحوثي وتحولت إلى أداة لتهريب النفط الإيراني والروسي.
القصة بدأت في أغسطس 2023 حين جلبت الأمم المتحدة الباخرة "نوتيكا" إلى اليمن كبديل مؤقت للناقلة المتهالكة "صافر"، في إطار خطة قالت المنظمة إنها تهدف لإزالة التهديد البيئي المحدق بالبحر الأحمر. وحصل البرنامج الأممي على تمويل تجاوز 145 مليون دولار لتنفيذ العملية.
لكن بدلاً من مغادرة "نوتيكا" بعد استكمال مهمتها، ظلت راسية إلى جانب "صافر"، لتبدأ لاحقًا فصول الفضيحة: سلمت الناقلة لمليشيا الحوثي، التي أعادت تسميتها إلى "يمن"، وقامت بتفريغ النفط المنقول على متنها ونقله عبر قوارب صغيرة إلى ميناء رأس عيسى، بحسب تقرير مدعم بالادلة نشره الناشط والخبير في تتبع نشاط وفساد المنظمات الدولية، الدكتور عبدالقادر الخراز، على صفحته بالفيسبوك.
ووفقا للخراز، فإنه مع تصاعد التقارير الدولية والمحلية حول استخدام الحوثيين للناقلة في عمليات تهريب مشبوهة، حاول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التنصل من مسؤوليته. ففي تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط، زعم البرنامج أنه لا يملك الناقلة ولا يتحكم في عملياتها، مدعيًا أنه سلمها لشركة صافر للعمليات النفطية التابعة للحكومة اليمنية، وأنه أبلغ الحوثيين -شفهيًا وخطيًا- بوقف استخدام السفينة.
غير أن الوثائق التي كشف عنها الخراز تناقض هذه التصريحات، إذ أظهرت أن الـUNDP تعاقد مباشرة مع شركة "يوروناف" البلجيكية لتشغيل الناقلة مقابل 450 ألف دولار شهريًا — بإجمالي يتجاوز 10 ملايين دولار خلال 23 شهرًا — وأن البرنامج ظل يدير عملية تشغيل السفينة ويوفر التسهيلات لدخول وخروج طاقمها الجورجي، بمن فيهم القبطان بريدز أليكسي.
كما أظهرت المعلومات أن مليشيا الحوثي استفادت من هذه الصفقة المشبوهة في تعزيز عملياتها التهريبية، بما يفتح الباب لتساؤلات خطيرة حول تورط أو تواطؤ البرنامج الأممي مع الجماعة المسلحة.
كما أن إعلان "يوروناف" في أبريل 2024 عن تحالفها مع شركة "أنجلو-إيسترن" لتوسيع حضورها في سوق ناقلات النفط الكبرى زاد من علامات الاستفهام حول ما إذا كانت هذه الشراكات قد تسهم بطريقة أو بأخرى في تسهيل نشاطات التهريب في مناطق النزاع.
المخاطر تتعدى الفساد المالي والإداري لتصل إلى: التواطؤ الأممي مع الحوثيين عبر تمويل مباشر واستغلال واضح لموارد الأمم المتحدة لصالح جماعة مصنفة إرهابية، واستمرار التهديد البيئي الذي يفترض أن العملية الأممية جاءت لإنهائه، الى جانب ضرب مصداقية الأمم المتحدة وسط مطالبات متزايدة بمساءلة قياداتها وبرامجها في اليمن.
ووفقا للخراز، تصل المخاطر الى استغلال المأساة الإنسانية من قبل الحوثيين لمصالح عسكرية وتجارية. فشل الحكومات الشرعية وتواطؤ بعض وزرائها الذين وافقوا على الصفقة ولم يحركوا ساكنًا عند خرقها.
وتعزز هذه القضية الشكوك المتزايدة حيال قدرة الأمم المتحدة على إدارة الأزمات في اليمن بشفافية ونزاهة، خصوصًا مع ارتباطها مؤخرًا بتمويل عمليات إزالة أخطار الباخرة "روبيمار" الغارقة نتيجة استهداف حوثي وهي محملة بمواد كيميائية خطرة.
ويطالب مراقبون وناشطون بفتح تحقيق مستقل لمحاسبة كل من تورط في هذه الفضيحة، سواء من قيادات البرنامج الأممي أو مسؤولي الحكومة اليمنية الذين مرروا هذه الترتيبات المشبوهة.
يُذكر أن الدكتور الخراز أعلن عزمه نشر تفاصيل أوفى ووثائق إضافية ضمن كتابه القادم "تاريخ مأساوي: من الأمل إلى الخداع"، الذي سيتناول توثيق الحقائق حول التمويلات الدولية لليمن.